في كلّ حالة يثبت فيها امتناع اجتماع الأمر والنهي ، أي إذا بنينا على امتناع الاجتماع بينهما ، فهذا لا يختلف حاله بين أن يكون الأمر والنهي نفسيّين أو يكونا غيريّين أو يكون أحدهما نفسيّا والآخر غيريّا. فهنا شقوق أربعة :
الأوّل : أن يكون الأمر والنهي نفسيّين ، كما في ( صلّ ) و ( لا تصلّ في الحمام ) أو ( لا تغصب ) ، فهنا الأمر بالصلاة نفسي والأمر بالغصب نفسي أيضا. فعلى القول بالامتناع فيكون الامتناع لجهة اجتماع المبادئ المتضادّة على شيء واحد.
الثاني : أن يكون الأمر والنهي غيريّين ، كما في السفر من أجل الحجّ الواجب فإنّه واجب غيري لكونه مقدّمة للواجب ، وفرض أنّ السفر يسبّب الأذيّة للوالدين فيكون محرّما غيريّا لكونه سببا لحصول الحرام وهو التأذّي.
فعلى القول بالامتناع يكون السفر قد اجتمعت فيه المحبوبيّة الغيريّة والمبغوضيّة الغيريّة معا.
الثالث : أن يكون الأمر نفسيّا والنهي غيريّا ، كما إذا وجب إنقاذ الغريق وكان الإنقاذ سببا توليديّا لإتلاف مال الغير ، فإنّه واجب نفسي من جهة وحرام غيري من جهة ثانية ، لكونه مقدّمة للحرام وهو إتلاف مال الغير. وهنا على القول بالامتناع سوف تجتمع المحبوبيّة النفسيّة مع المبغوضيّة الغيريّة على شيء واحد.
الرابع : أن يكون الأمر غيريّا والنهي نفسيّا ، كما إذا دخل إلى مكان مغصوب ، فإنّ الخروج منه لكونه مقدّمة للتخلّص الواجب يتّصف بالوجوب الغيري ، وبما أنّه مصداق للغصب يتّصف بالحرمة النفسيّة ، فيلزم اجتماع المبغوضيّة النفسيّة والمحبوبيّة الغيريّة على شيء واحد.
وفي هذه الشقوق كلّها على القول بالامتناع سوف يكون ملاك الامتناع متحقّقا وموجودا فيها. ولا بدّ من علاج المسألة.
ونحن حيث أنكرنا الوجوب الغيري كما تقدّم فقد يشكل علينا بأنّ ملاك الامتناع ينتفي في حالة كون الأمر والنهي أو أحدهما على الأقلّ غيريّا ؛ لأنّه لا محرّكيّة ولا داعويّة ولا مقرّبيّة ولا محبوبيّة ولا مبادئ ولا ملاكات فيه.
ولكن نجيب عن ذلك بأنّنا وإن أنكرنا الوجوب الغيري كما تقدّم ، إلا أنّنا إنّما