نسلّم أنّ عدم الترخيص مساوق للتحريم ، بل هو أعمّ منه ؛ وذلك لأنّ عدم الترخيص كما يتناسب مع التحريم ؛ لأنّ التحريم يعني عدم الترخيص ، كذلك يتناسب مع الوجوب فإنّ الوجوب معناه عدم الترخيص أيضا.
وحينئذ يكون ترجيح أحدهما على الآخر من دون مرجّح. أو استظهار التحريم دون الوجوب يحتاج إلى دليل خاصّ. وهنا الدليل المتقدّم يثبت أنّ الوجوب مركّب من أمرين : أحدهما طلب الفعل ، والآخر عدم الترخيص في الترك وعدم الترخيص يكفي فيه ألاّ يرد الترخيص ولا يشترط فيه أن يرد ما يدلّ على حرمة الترخيص. ممّا يعني أنّ هذه الملازمة ليست ثابتة أو أنّها ليست جارية على الدوام ، وهذا يخرجها عن كونها ملازمة ؛ لأنّ التلازم العقلي معناه ثبوت أحد المتلازمين عند ثبوت الملازم الآخر حتما.
وبهذا ظهر أنّ هذا الملاك ليس تامّا أيضا. ومنه يتّضح أنّ الأمر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضدّه العامّ لا بنحو العينيّة ولا بنحو التضمّن ولا بنحو التلازم. وبه ينتهي الكلام عن المقام الأوّل.
وأمّا الضدّ الخاصّ : فقد يقال باقتضاء وجوب الشيء لحرمته بأحد دليلين :
الدليل الأوّل : وهو مكوّن من مقدّمات :
الأولى : أنّ الضدّ العامّ للواجب حرام.
الثانية : أنّ الضدّ الخاصّ ملازم للضدّ العامّ.
الثالثة : أنّ كلّ ما هو ملازم للحرام فهو حرام.
ويبطل هذا الدليل بإنكار مقدّمته الأولى كما تقدّم ، وبإنكار المقدّمة الثالثة إذ لا دليل عليها.
قد يقال : إنّ وجوب الشيء يقتضي حرمة ضدّه الخاصّ ، فمثلا إذا وجبت الصلاة حرم ضدّها الخاصّ أي كلّ فعل مناف للصلاة كالإزالة مع ضيق وقت الصلاة بحيث لا يتّسع إلا لأحدهما.
واستدلّ على ذلك بدليلين :
الدليل الأوّل : ويسمّى بمسلك التلازم أو الاستلزام ، وبيانه ضمن المقدّمات التالية :