هذا هو عمدة البرهان على إثبات مقدّميّة عدم الضدّ ؛ لحصول الضدّ الآخر.
ونجيب على هذا البرهان بجوابين :
الجواب الأوّل : يتكفّل حلّ الشبهة التي صيغ بها البرهان.
وبيانه : أنّ العلّة مركّبة من المقتضي والشرط وعدم المانع. فالمقتضي هو السبب الذي يترشّح منه الأثر. والشرط دخيل في ترشّح الأثر في مقتضيه. والمانع هو الذي يمنع المقتضي من التأثير.
ومن هنا يتوقّف وجود الأثر على المقتضي والشرط وعدم المانع.
وينشأ عدم الأثر من عدم المقتضي أو عدم الشرط أو وجود المانع ، ولكنّه لا ينشأ من وجود المانع إلا في حالة وجود المقتضي ؛ لأنّ تأثير المانع إنّما هو بمنعه للمقتضي عن التأثير ، ومع عدم وجود المقتضي لا معنى لهذا المنع ، وهذا يعني أنّ المانع إنّما يكون مانعا إذا أمكن أن يعاصر المقتضي لكي يمنعه عن التأثير ، وأمّا إذا استحال أن يعاصره استحالت مانعيّته له ، وبالتالي لا يكون عدمه من أجزاء العلّة.
الجواب الأوّل عن برهان إثبات المقدّميّة : وهذا الجواب يراد به دفع الشبهة التي على أساسها صيغ البرهان على إثبات المقدّميّة ، فإنّه كان يبتني على أنّ أحد الضدّين بوجوده مانع عن الضدّ الآخر ، فإنّ هذه المانعيّة غير صحيحة إذا توضّح ما يلي :
أوّلا : أنّ العلّة مركّبة من المقتضي والشرط وعدم المانع.
والمراد من المقتضي : هو السبب الذي يترشّح منه الأثر أي المسبّب.
والمراد من الشرط : هو ما يكون دخيلا في ترتّب أو ترشّح الأثر على المقتضي أي المسبّب على السبب.
والمراد من المانع : الذي يكون عدمه شرطا في العلّة ، هو ما يمنع من تأثير المقتضي في ترتّب السبب.
ومن هنا يقال بأنّ ترتّب الأثر أو المعلول أو السبب يتوقّف على وجود المقتضي ووجود الشرط وانتفاء المانع ، فمثلا إذا أردنا إحراق ورقة فلا بدّ أوّلا من وجود المقتضي وهو السبب الذي يولّد الإحراق كالنار مثلا.
ثانيا : لا بدّ من وجود الشرط للإحراق كأن توضع الورقة في النار ؛ لأنّها ما دامت