بعيدة عنها فلن تحترق ، فالمماسّة أو الاتّصال بين النار والورقة شرط لحصول الأثر أي الإحراق.
ثالثا : لا بدّ من انتفاء المانع عن الاحتراق ، فإذا كانت الورقة رطبة مثلا رطوبة كثيفة جدّا ، أو وضع عليها مائع معيّن كثيف فسوف لن تحترق رغم وجود النار ، ورغم المماسّة بين الورقة والنار ، وهذا معناه أنّ عدم المانع من أجزاء العلّة ، فإذا انتفت الموانع فسوف يتحقّق الاحتراق ونحصل على الأثر المطلوب.
وبهذا يتّضح أنّ انتفاء الأثر أو عدم ترتّب المسبّب له أحد أسباب ثلاثة :
الأوّل : عدم وجود المقتضي ، فإنّه إذا لم يكن لدينا ما يسبّب الإحراق كالنار ونحوها لم يتحقّق المسبّب أو الأثر المطلوب.
الثاني : عدم وجود الشرط ، فإنّه إذا لم يحصل الاتّصال والمماسّة بين النار والورقة فلن يحصل الاحتراق الذي هو المسبّب والأثر.
الثالث : وجود المانع ، فإنّه إذا كان المانع موجودا كالسائل اللزج الكثيف على الورقة المانع من احتراقها فلن يتحقّق الأثر والمسبب.
ونحن إذا لاحظنا وجود المانع نجد أنّه يمنع من حصول المسبّب والأثر بعد فرض وجود المقتضي والشرط ؛ لأنّ المانع هو الذي يمنع المقتضي من التأثير ، وهذا يفترض مسبقا وجود المقتضي لكي يمنعه.
وأمّا إذا افترضنا أنّ المقتضي غير موجود من أوّل الأمر ، فهذا المانع لا يسمّى مانعا ولا يكون عدمه من أجزاء العلّة ؛ لأنّه سواء كان المانع موجودا أم منتفيا فالأثر أو المسبّب لن يتحقّق ؛ لأنّ المقتضي له غير موجود لا لأنّ المانع موجود.
إذا ففرض مانعيّة المانع هي فرض وجود المقتضي ممّا يعني أنّ المقتضي والمانع لا بدّ من تعاصرهما في الوجود ، فإذا كانا متعاصرين وجودا كان المانع مانعا عن تأثير المقتضي وكان عدمه من أجزاء العلّة.
وأمّا إذا لم يكونا متعاصرين بأن كان وجود المقتضي لا يجتمع مع المانع فلن تحصل المانعيّة ، والنتيجة ستكون عدم مانعيّة هذا المانع وعدم كونه من أجزاء العلّة.
وعلى هذا الأساس إذا لاحظنا الصلاة بوصفها ضدّا لإزالة النجاسة عن المسجد نجد أنّ المقتضي لها هو إرادة المكلّف ، ويستحيل أن تجتمع الإزالة مع إرادة