الطرفين ، فيكون عدم الصلاة علّة ومقدّمة للإزالة ، وهذا لازمه أنّ وجود الصلاة متوقّف على عدم الإزالة ، وهذا بدوره متوقّف على فعل الصلاة ؛ لأنّه بفعل الصلاة يتحقّق عدم الإزالة فيكون وجود الصلاة متوقّفا على وجود الصلاة ، وهذا دور.
وعليه ، فالصحيح أنّ وجوب شيء لا يقتضي حرمة ضدّه الخاصّ.
وبهذا ظهر أنّه لا دليل على حرمة الضدّ الخاصّ ، كما لم يتمّ الدليل على حرمة الضدّ العامّ أيضا. والنتيجة : هي أنّ وجوب شيء لا يقتضي النهي عن الضدّ الخاصّ ولا العامّ.
وأمّا ثمرة هذا البحث فهي ـ كما أشرنا في الحلقة السابقة (١) ـ تشخيص حكم الصلاة المضادّة لواجب أهمّ إذا اشتغل بها المكلّف وترك الأهمّ ، وكذلك أي واجب آخر مزاحم من هذا القبيل.
فإذا قلنا بالاقتضاء تعذّر ثبوت الأمر بالصلاة ولو على وجه الترتّب ، فلا تصحّ.
وإذا لم نقل بالاقتضاء صحّت بالأمر الترتّبي.
وبصيغة أشمل في صياغة هذه الثمرة :
إنّه على القول بالاقتضاء يقع التعارض بين دليلي الواجبين المتزاحمين ؛ لأنّ كلاّ من الدليلين يدلّ بالالتزام على تحريم مورد الآخر ، فيكون التنافي في أصل الجعل ، وهذا ملاك التعارض كما مرّ بنا.
وأمّا على القول بعدم الاقتضاء فلا تعارض ؛ لأنّ مفاد كلّ من الدليلين ليس إلا وجوب مورده وهو مشروط بالقدرة وعدم الاشتغال بالمزاحم كما تقدّم ، ولا تنافي بين وجوبين من هذا القبيل في عالم الجعل.
ثمرة البحث : توجد ثمرتان للقول باقتضاء وجوب الشيء النهي عن ضدّه الخاصّ أو عدمه.
الثمرة الأولى : فيما إذا كان هناك واجبان متضادّان أحدهما مضيّق والآخر موسّع ، فمثلا إذا وجبت إزالة النجاسة عن المسجد فهي واجب فوري والواجب الفوري مضيّق ، وفرضنا أنّ الصلاة قد دخل وقتها وهو لا يزال واسعا فهي ليست مضيّقة ؛ لإمكان فعلها بعد الإزالة مع سعة الوقت كما هو المفروض.
__________________
(١) في بحث الدليل العقلي ، تحت عنوان : اقتضاء وجوب الشيء لحرمة ضدّه.