اقتضاء الحرمة للبطلان
لا شكّ في أنّ النهي المتعلّق بالعبادة أو بالمعاملة إرشادا إلى شرط أو مانع ، يكشف عن البطلان بفقد الشرط أو وجود المانع.
وإنّما الكلام في الحرمة التكليفيّة واقتضائها لبطلان العبادة بمعنى عدم جواز الاكتفاء بها في مقام الامتثال ، وبطلان المعاملة بمعنى عدم ترتيب الأثر عليها. فهنا مبحثان :
أوّلا : المراد من النهي المتعلّق بالعبادة هو النهي التحريمي التكليفي (١) أي الحرمة النفسيّة التي تنشأ من المبادئ والملاكات أي من المفسدة والمبغوضيّة.
وليس المراد من النهي هنا النهي الإرشادي ؛ لأنّه لا إشكال في دلالته على البطلان سواء تعلّق بالعبادة أم بالمعاملة ؛ وذلك لأنّ النهي الإرشادي تارة يكون إرشادا لشرطيّة شيء ، وأخرى يكون إرشادا إلى مانعيّة شيء.
فمثلا قولنا : ( لا تصلّ لغير القبلة ) مفاده الإرشاد إلى شرطيّة الاستقبال في الصلاة.
وقولنا : ( لا تصلّ في النجس ) إرشاد إلى مانعيّة النجاسة من صحّة الصلاة ، وكذا قولنا : ( لا تصلّ بالمغصوب ).
وفي هاتين الحالتين إذا فقد الشرط أو وجد المانع كشف ذلك عن عدم تحقّق
__________________
(١) وأمّا النهي الكراهتي فإن كان معنى الكراهة قلّة الثواب فلا مانع من اجتماعها مع الأمر ؛ لأنّ النتيجة تكون النقص من المحبوبيّة ، وإن كان معناها المفسدة والمبغوضيّة فإذا بني على جواز الاجتماع فلا محذور في اجتماع الأمر بالعبادة والنهي عنها.
وأمّا إذا بني على الامتناع فيلزم محذور اجتماع المفسدة والمبغوضيّة مع المصلحة والمحبوبيّة ، فيدخل هذا المورد في موضوع البحث.