مقبول ؛ وذلك لأنّه إن أريد من سقوط التكليف سقوطه عن الفاعليّة والمحركيّة ، بمعنى أنّ العاجز مهما كان منشأ عجزه وسببه فهو لن يتحرّك نحو الفعل فلا محركيّة للخطاب نحو متعلّقه ، فهذا المعنى صحيح ونحن نقبله أيضا ، ولكنّه لا يعني سقوط الخطاب عن الفعليّة.
بمعنى أنّ الخطاب لا يزال موجودا وفعليّا بحيث لو ارتفع عجزه لصار محرّكا وباعثا له نحو الفعل ، ولا يحتاج معه إلى خطاب آخر ، بل لو فرض سقوط الخطاب رأسا لم يحكم العقل بالإدانة والعقل ؛ لأنّ حكمه بها كان لأجل خروج المكلّف عن حقّ الطاعة ، فحيث لا تكليف لا حقّ طاعة فلا عقاب.
وأمّا إن أريد من سقوط الخطاب سقوطه عن الفعليّة رأسا ، فمع العجز يسقط الخطاب بحقّ العاجز فلا يكون مكلّفا بشيء من حين عجزه ، فهذا غير مقبول ؛ وذلك لأنّ القدرة التي هي شرط في التكليف والحكم كما تقدّم ، إن قيل بأنّها شرط في التكليف ما دام التكليف ثابتا فيكون سقوط التكليف رأسا حين ارتفاع القدرة ولو في الأثناء صحيحا.
إلا أنّ شرطيّة القدرة في التكليف ليست بهذا المعنى ، وإنّما هي بمعنى آخر وهو أنّ القدرة شرط في التكليف بالمقدار الذي يكون مصحّحا للعقاب والإدانة ، فإنّه لا تصحّ الإدانة إذا لم يكن هناك تكليف ، والإدانة مشروطة بالقدرة ، إذا فالتكليف مشروط بالقدرة أيضا ، ولكن بمقدار شرطيّتها في الإدانة لا أكثر.
فالعقل يحكم باستحقاق من كان قادرا على الامتثال فلم يمتثل للعقاب والإدانة ، لأنّه كان قادرا ولأنّه كان مكلّفا وكان قادرا حين توجّه الخطاب إليه ، فإذا عجّز نفسه أو صار عاجزا بسوء الاختيار بقيت الإدانة ثابتة ، ومعها يكون التكليف باقيا ؛ لأنّه إنّما يعاقب على تكليف لم يمتثله.
فلا بدّ من فرض بقاء التكليف ليصحّ إدانته ، وأمّا إنّ التكليف مشروط بالقدرة بمعنى أنّ بقاء التكليف في عمود الزمان مشروط ببقاء القدرة كذلك فهذا غير تام ولا دليل عليه عقلا ، بل الصحيح هو كفاية القدرة حدوثا.
والبرهان على أنّ اشتراط القدرة في التكليف لا يقتضي أكثر من ذلك وهو أنّ التكليف قد جعل بداعي التحريك المولوي ، ولا تحريك مولوي إلا مع الإدانة ، ولا