الأهمّ أو المساوي غير متحقّق ، فلا يكون مقيّدا ولا مشروطا في هذه الحالة ، بل يكون مطلقا ممّا يعني أنّه فعليّ على كلّ حال ، ولذلك فيجب على المكلّف أن يترك الضدّ الأقلّ أهمّيّة ويشتغل بالتكليف الأهمّ ، ولا يكون اشتغاله بالأقلّ أهمّيّة مسوّغا شرعا ومعذّرا للمكلّف في تركه للأهمّ.
ومن هنا نصل إلى الصياغة النهائيّة لشرطيّة القدرة في التكليف بالمعنى الأعمّ وهي : أنّ العقل يشترط في كلّ تكليف القدرة عليه تكوينا وعدم الاشتغال بامتثال واجب آخر لا يقلّ أهمّيّة عنه. وأمّا متى نعرف الأهم أو المساوي أو الأقلّ أهمّيّة؟
فتوضيح ذلك ضمن المثال التالي :
وعلى هذا الأساس إذا وقع التضادّ بين واجبين كالصلاة وإنقاذ الغريق ، أو الصلاة وإزالة النجاسة عن المسجد ، فالتعرّف على أنّ أيّهما وجوبه مطلق ، وأيّهما وجوبه مقيّد بعدم الاشتغال بالآخر يرتبط بمعرفة النسبة بين الملاكين.
فإن كانا متساويين كان الاشتغال بكلّ منهما مصداقا لما حكم العقل بأخذ عدمه قيدا في كلّ تكليف ، وهذا يعني أنّ كلاّ من الوجوبين مشروط بعدم امتثال الآخر ، ويسمّى بالترتّب من الجانبين.
وإن كان أحد الملاكين أهمّ كان الاشتغال بالأهمّ مصداقا لما حكم العقل بأخذ عدمه قيدا في وجوب المهمّ ، ولكن الاشتغال بالمهمّ لا يكون مصداقا لما حكم العقل بأخذ عدمه قيدا في وجوب الأهمّ. وينتج هذا أنّ الأمر بالأهمّ مطلق والأمر بالمهمّ مقيّد ، وأنّ المكلّف لا بدّ له من الاشتغال بالأهمّ لكيلا يبتلى بمعصية شيء من الأمرين ، ولو اشتغال بالمهمّ لابتلي بمعصية الأمر بالأهمّ.
ومن أجل التعرّف على كيفيّة تطبيق هذا الشرط نأخذ الأمثلة التالية :
أن يقع التضادّ والتزاحم بين وجوب إنقاذ الغريق وبين وجوب الصلاة ، أو يقع التزاحم والتضادّ في عالم الامتثال بين وجوب الصلاة وبين وجوب إزالة النجاسة عن المسجد ، فهنا إذا أردنا أن نعرف الملاك الأهمّ أو المساوي من الأقلّ أهمّيّة ، فلا بدّ لنا من معرفة النسبة بين الملاكين ، لكي يتمّ الترجيح بلحاظ الأهمّيّة ، وهذه المرجّحات سوف يأتي الكلام عنها مفصّلا في باب التزاحم.
ومن باب المثال نقول : إنّه إذا كان أحد المتزاحمين مشروطا بالقدرة العقليّة والآخر