الثمرة الأولى : دخول التضادّ بين الواجبين في عالم الامتثال في باب التزاحم لا التعارض.
ولتوضيح هذا الأمر المهمّ نذكر تعريف التزاحم والتعارض ؛ ليتّضح لنا أنّ التضادّ بين الواجبين هل هو من مصاديق التزاحم أو من مصاديق التعارض؟
التعارض اصطلاحا : هو التنافي بين الدليلين بلحاظ عالم الجعل بحيث لا يمكن جعلهما معا ولا يمكن أن يكونا معا حجّة ؛ لمكان التكاذب والتنافي والتعاند بينهما ، كما في ( صلّ ولا تصلّ ) ، أو كما في ( أكرم كلّ عالم ولا تكرم الفاسق ) ، فإنّ التنافي في المثال الأوّل بنحو التباين الكلّي ؛ لأنّ النسبة بينهما هي نسبة التناقض ، بينما في المثال الثاني هي نسبة العموم من وجه ؛ ففي مورد الاجتماع أي العالم الفاسق يقع التنافي والتعاند.
وأمّا التزاحم : فهو التنافي بين الدليلين بلحاظ عالم الامتثال ، بحيث لا يتمكّن المكلّف في مقام الامتثال من الإتيان بكلا المتعلّقين بسبب عجزه وعدم قدرته على الجمع بينهما ، كما في ( صلّ وأنقذ الغريق ) ، فإنّه لا تنافي بينهما لا في عالم المبادئ والملاكات ولا في عالم الجعل والتشريع والحجّيّة ، وإنّما بلحاظ عالم الامتثال حيث يكون الوقت ضيّقا لا يتّسع إلا لأحدهما ، فيقع التنافي بينهما والتعاند ؛ إذ مع ضيق الوقت لن يتمكّن المكلّف إلا من امتثال أحدهما فقط ولا يمكنه الجمع بينهما في الوقت.
وبعد ذلك نعود للإجابة عن السؤال المتقدّم فنقول : إنّ التضادّ بين الواجبين في عالم الامتثال ـ إن قلنا باستحالة الترتّب ـ سوف يدخل في باب التعارض ويكون باب التزاحم من صغريات باب التعارض ، فتطبّق عليه قواعد التعارض الآتية.
والوجه في دخوله في باب التعارض : أنّنا إذا بنينا على استحالة الترتّب فسوف يكون كلا الواجبين مطلقا وفعليّا حتّى لحالة الاشتغال بالآخر ، فوجوب الصلاة يكون فعليّا سواء اشتغل بالإزالة أم لا ، تمسّكا بإطلاق دليله ، ووجوب الإزالة كذلك.
وحينئذ يقع التنافي بين الوجوبين أنفسهما ، ممّا يعني أنّ الدليلين الدالّين على الوجوبين متنافيان ولا يمكن الأخذ بهما معا ولا القول بحجّيّتهما كذلك ؛ للتكاذب والتنافي بين الجعلين الذي يسري إلى الدليلين في مقام التشريع.