وفي أكثرها يكون واضحا وجليّا ، فمثلا إذا شككنا في وجوب الدعاء عند رؤية الهلال فهذا من الشكّ في التكليف ، وإذا شككنا في تحقّق الإكرام بمجرّد إلقاء السلام فهذا من الشكّ في المكلّف به ؛ لأنّنا نعلم بوجوب إكرام العالم ونشكّ في أنّ هذا السلام هل يحقّق المأمور به ويكفي لامتثال الأمر أم لا؟
إلا أنّه في بعض الموارد يكون دقيقا جدّا ، ولا بدّ من إعمال الدقّة والنظر لاكتشاف أنّ هذا الشكّ من أي النحوين هو؟ ولذلك نقول :
وهذا الميزان إنّما يراد في الشبهات الموضوعيّة التي قد يحتاج التمييز فيها إلى دقّة ، دون الشبهات الحكميّة التي يكون الشكّ فيها عادة شكّا في التكليف ، كما هو واضح.
وهذا الميزان المذكور نحتاج إليه في الشبهات الموضوعيّة لا الحكميّة ؛ وذلك لأنّ الشبهات الحكميّة يكون الشكّ فيها من الشكّ في التكليف بمعنى الجعل الكلّي كما في الشكّ في وجوب الدعاء عند رؤية الهلال ، أو في التكليف بمعنى المجعول الجزئي كالشكّ في تحقّق قيود التكليف كالاستطاعة بالنسبة للحجّ.
إلا أنّه يمكن تحقّق الشكّ في المكلّف به في الشبهات الحكميّة أيضا لكنّه نادر وقليل كما في موارد الدوران بين الأقلّ والأكثر ، أو التعيين والتخيير ، مثال الأوّل أن يشكّ هل أنّ الواجب هو عشرة دراهم أو تسعة أي أنّ ذمّته مشغولة بهذا أو بذاك فهو من الشكّ في الامتثال ؛ لأنّه يعود إلى أنّ دفع التسعة هل يكفي في تحقّق الامتثال أم لا؟ فهو شكّ في سعة دائرة الامتثال وعدمها.
ومثال الثاني أن يشكّ في هل أنّ الواجب خصوص العتق من أصناف الكفّارة أو هو والتصدّق والصوم بنحو التعيين أو التخيير ، فمرجعه أيضا إلى المكلّف به وسعة دائرة الامتثال.
وأمّا الشبهات الموضوعيّة فيوجد فيها من كلا النحوين فيحتاج التمييز فيها إلى دقّة ، ولذلك نعقد البحث فيها :
وتوضيح الحال في المقام : أنّ الشبهة الموضوعيّة تستبطن دائما الشكّ في أحد أطراف الحكم الشرعي ، إذ لو كانت كلّها معلومة فلا يتصوّر شكّ إلا من أصل حكم الشارع ، وتكون الشبهة حينئذ حكميّة.