والشكّ في صدور المتعلّق وعدم صدوره الذي هو شكّ في الامتثال وعدمه قلنا : إنّه ليس من الشكّ في التكليف ؛ لأنّ الامتثال وعدمه ليس من مسقطات التكليف كما تقدّم ، وإنّما من أسباب سقوط فاعليّته ومحرّكيّته فقط.
وأمّا إذا كان الشكّ في الموضوع الخارجي ، كما إذا لم يحرز كون فرد ما مصداقا للموضوع الخارجي.
الصورة الثانية : أن يكون الشكّ في الموضوع الخارجي ، وذلك بأن يحرز الحكم ويحرز قيوده الدخيلة في فعليّته ، ولكن يشكّ في أنّ هذا الفرد هل هو مصداق للموضوع المأخوذ طرفا في التكليف أو ليس مصداقا لهذا الموضوع؟ فإذا قيل : ( أكرم العالم إذا جاء العيد ) وعلم بالحكم وأحرز قيده بأن حلّ العيد ، غايته الشكّ في أنّ زيدا هل هو عالم أو لا؟ أي هل هو مصداق للموضوع الذي هو العالم أو ليس مصداقا له؟
وفي هذه الصورة يوجد نحوان من أنحاء الشكّ في الموضوع بالمعنى المذكور هما :
فإن كان إطلاق التكليف بالنسبة إليه شموليّا جرت البراءة ؛ لأنّ الشكّ حينئذ يستبطن الشكّ في التكليف الزائد ، كما إذا قيل : ( لا تشرب الخمر ) و ( أكرم الفقراء ) وشكّ في أنّ هذا خمر وفي أنّ ذاك فقير.
النحو الأوّل : أن يكون إطلاق التكليف بالنسبة للموضوع شموليّا.
ففي هذه الحالة سوف ينحلّ الحكم إلى أحكام بعدد مصاديق هذا الموضوع في الخارج بحيث يكون لكلّ منها امتثال خاصّ وعصيان خاصّ ، فكلّما وجد مصداق ثبت له الحكم ، فإذا شكّ في كون فرد ما مصداقا للموضوع فهذا يعني الشكّ في ثبوت تكليف زائد ، فتجري البراءة لتحقّق موضوعها.
ومثاله أن يقال : ( لا تشرب الخمر ) أو ( أكرم العالم ) أو ( تصدّق على الفقراء ) ، ففي المثال الأوّل يكون النهي عن الشرب شاملا لكلّ فرد من أفراد الموضوع في الخارج ، أي كلّ ما صدق عليه عنوان الخمريّة في الخارج فيحرم شربه. وعليه ، فإذا شكّ في أنّ هذا السائل خمر أو لا ، فهذا يعني الشكّ في أنّه يجب الاجتناب عن شربه أو لا ، فهو شكّ في تكليف زائد فتجري البراءة.