الخارج ، وإلا كانت حرمة الكذب مقيّدة بوجود الكذب في الخارج ، فيكون المفاد إذا تحقّق الكذب فلا تكذب وهو واضح البطلان.
وإنّما القيد اتّصاف الكلام بكونه كذبا أي الكلام الصادر من المتكلّم في الخارج إن اتصف بكونه كذبا فهو حرام ، فتكون الحرمة مقيّدة باتّصاف الكلام بالكذب سواء وجد في الخارج أم لا ، وعليه فإذا شكّ في كلام أنّه كذب أو لا جرت البراءة عنه لنفي حرمته ؛ لعدم إحراز اتّصافه بالكذب.
نعم ، المتعلّق إن كان متعلّقا للوجوب جرت أصالة الاشتغال عند الشكّ في اتّصاف الفعل به كما في قولنا : ( صلّ ) ، فإنّه إذا شكّ في كون فعل ما صلاة جرت أصالة الاشتغال ؛ لأنّه شكّ في المكلّف به حيث إنّ إطلاق الحكم بالنسبة للصلاة بدلي.
وهكذا نستخلص أنّ الميزان الأساسي لجريان البراءة هو الشكّ في قيود التكليف ، وهي تارة على وزان مفاد ( كان ) التامّة كالشكّ في موضوع الزلزلة الخارجي التي هي قيد لوجوب صلاة الآيات ، وأخرى على وزان مفاد ( كان ) الناقصة بالنسبة إلى عنوان الموضوع كالشكّ في خمريّة المائع ، وثالثة على وزان كان الناقصة بالنسبة إلى عنوان المتعلّق كالشكّ في كون الكلام الفلاني كذبا.
والحاصل : أنّ الميزان الأساسي لجريان البراءة كون الشكّ في قيود التكليف ، والقيود على أنحاء ثلاثة :
الأوّل : أن تكون القيود على وزان كان التامّة أي أصل وجود وتحقّق القيد ، كما في الزلزلة التي هي قيد لوجوب صلاة الآيات ، فإنّ الشكّ في أصل تحقّق الزلزلة شكّ في تحقّق القيد للتكليف فتجري البراءة عنه.
الثاني : أن تكون القيود على وزان كان الناقصة بالنسبة للموضوع كما تقدّم بالنسبة لاتّصاف المائع بكونه خمرا ، فإنّه عند الشكّ في خمريّة المائع يشكّ في تحقّق قيد التكليف الذي هو اتّصاف المائع بالخمر فتجري البراءة.
الثالث : أن تكون على وزان ( كان ) الناقصة بالنسبة للمتعلّق كما في قولنا : ( لا تكذب ) ؛ لأنّ القيد هو اتّصاف الكلام بكونه كذبا ، فمع الشكّ في كون الكلام الفلاني كذبا تجري البراءة ؛ لأنّه لا يحرز اتّصافه بالكذب.
* * *