وكذا الحال لو أخذنا صفة العلم فإنّ العلم له متعلّق ؛ لأنّه من الصفات الحقيقيّة ذات الإضافة ، ومتعلّقه على قسمين :
متعلّق بالذات وهو الصورة الذهنيّة للمعلوم ، وهذه الصورة هي المقوّمة للعلم في أفق النفس والانكشاف ؛ إذ لو لا ثبوت المعلوم بصورته الذهنيّة لما تحقّق العلم.
ومتعلّق بالعرض وهو الوجود الخارجي المطابق لهذه الصورة ، أو الوجود الخارجي الذي يمكن أن تنطبق عليه الصورة الذهنيّة بنحو تكون حاكية وكاشفة عنه ؛ لأنّ المطلوب أن تكون الصورة الذهنيّة حاكية عن الخارج ، إلا أنّ حكايتها قد تكون صادقة وقد تكون كاذبة.
ولأجل ذلك قد يكون المعلوم بالعرض ثابتا في الخارج فتكون الصورة الذهنيّة مطابقة للواقع الخارجي ومصيبة له ، وقد يكون المعلوم بالعرض غير ثابت في الخارج فتكون الصورة الذهنيّة مخطئة وغير مصيبة للواقع الخارجي ، إلا أنّه في كلتا الحالتين تبقى الصورة الذهنيّة ثابتة ومتحقّقة في أفق انكشافها وهو الذهن أو النفس ؛ لأنّ العلم تعلّق أوّلا وبالذات بها ، فهي حاضرة لديه وهو مصيب بمعنى كون العلم منصبّا عليها لا على شيء آخر.
والحاصل : أنّ العلم هو نفس حضور الصورة الذهنيّة وتعلّقه بها ، سواء كان المعلوم بالعرض ثابتا أم لا ، ولذلك كان العلم يمكن فيه الخطأ والإصابة بلحاظ المعلوم بالعرض ، وأمّا بلحاظ المعلوم بالذات فهو مصيب دائما ؛ لأنّ الصورة الذهنيّة حاضرة عنده وتعلّق بها.
وبعد ذلك نعود للكلام عن العلم الإجمالي وإمكان تعلّقه بالفرد المردّد أو عدم إمكان ذلك ، فنقول :
وعليه فنحن نتساءل : ما هو المتعلّق بالذات للعلم في حالات العلم الإجمالي؟
فإن كان صورة حاكية عن الجامع لا عن الحدود الشخصيّة رجعنا إلى المبنى السابق.
وإن كان صورة للحدّ الشخصي ولكنّها مردّدة بحدّ ذاتها بين صورتين لحدّين شخصيّين فهذا مستحيل ؛ لأنّ الصورة وجود ذهني وكلّ وجود متعيّن في صقع ثبوته ، وتتعيّن الماهيّة تبعا لتعيّن الوجود لأنّها حدّ له.
وهنا نطرح السؤال التالي وهو : أنّ تعلّق العلم الإجمالي بالفرد المردّد ما ذا يراد به؟