لأنّ مخالفة التكليف المعلوم ولو احتمالا تساوق احتمال الوقوع في المعصية ، وهي قبيحة عقلا.
والنتيجة : هي أنّ الجامع ما دام قد تنجّز وقد علم اشتغال الذمّة به ، وما دامت المخالفة الاحتماليّة تساوق الوقوع في المعصية القبيحة عقلا ، فاللازم الإتيان بكلا الفردين لكي يتحقّق إبراء الذمّة يقينا ممّا اشتغلت به ، ولكي لا يقع في المعصية القبيحة عقلا ، فيكون العلم الإجمالي منجّزا لوجوب الموافقة القطعيّة حينئذ.
ويندفع هذا التقريب بمنع المقدّمة الأولى ، فإنّ الجامع إذا لوحظ فيه مقدار الجامع بحدّه فقط لم تكن مخالفة أحد الطرفين مع موافقة الطرف الآخر مخالفة احتماليّة له ؛ لأنّ الجامع بحدّه لا يقتضي أكثر من التطبيق على أحد الفردين ، والمفروض أنّ العلم واقف على الجامع بحدّه ، وأن التنجّز تابع لمقدار العلم ، فلا مخالفة احتماليّة للمقدار المنجّز أصلا.
ويرد على هذا التقريب : أنّ المقدّمة الأولى غير تامّة ، بمعنى أنّه لا يوجد مخالفة احتماليّة للجامع فيما إذا امتثل أحد الفردين وترك الآخر.
وتوضيح ذلك : أنّ المقدار المنجّز هنا المفروض أنّه الجامع ، وحينئذ يطرح السؤال التالي وهو أن الجامع المنجّز ما المراد به؟
فإن كان المقصود به الجامع الموجود ضمن الفرد فهذا معناه أنّ المنجّز هو الفرد لا الجامع ، وهو مسلك المحقّق العراقي كما تقدّم ، وهذا لا يقول به المحقّق الأصفهاني.
وإن كان المقصود به الجامع بحدّه الجامعي ـ كما هو مقصود المحقّق الأصفهاني ـ على أساس المبنى الأوّل ، فحينئذ نقول : إنّ الجامع بحدّه الجامعي من دون نظر إلى الفرد مطلقا لا الفرد الواقعي ولا الفرد المردّد ، إذا تنجّز فهو لا يقتضي أكثر من الإتيان بالجامع ، وامتثال الجامع لا يكون إلا بامتثال أحد أفراده ؛ لأنّه يتحقّق في الخارج ضمن الفرد.
وعليه فإذا امتثل أحد الفردين وترك الآخر يكون قد حقّق موافقة الجامع قطعا لا احتمالا ؛ لأنّ الجامع صار موجودا وممتثلا ضمن الفرد الذي أتى به ، فلا يكون تركه للفرد الآخر مخالفة أصلا ولو احتمالا.