ثانيا : يترتّب على ذلك عدم إمكان جريان الأصول المؤمّنة في جميع الأطراف ؛ لأنّه يستوجب الترخيص في المخالفة القطعيّة.
ثالثا : يترتّب على ذلك أنّ الأصول المذكورة تتعارض فلا تجري في أي طرف ؛ لأنّ جريانها في طرف دون آخر ترجيح بلا مرجّح ، وجريانها في الكلّ غير ممكن.
رابعا : ينتج من كلّ ذلك أنّ احتمال التكليف في كلّ طرف يبقى بدون أصل مؤمّن ، وكلّ احتمال للتكليف بدون مؤمّن يكون منجّزا للتكليف ، فتجب عقلا موافقة التكليف المحتمل في كلّ طرف باعتبار تنجّزه ، لا باعتبار وجوب الموافقة القطعيّة للعلم الإجمالي بعنوانها.
حاصل التقريب أن يقال :
أوّلا : أنّ العلم الإجمالي يستدعي حرمة المخالفة القطعيّة كما تقدّم سابقا ؛ لأنّه ينجّز مقدار الجامع فصار الجامع داخلا في الذمّة والعهدة ، فيحكم العقل بقبح معصيته ، ومعصية الجامع تتحقّق ضمن ترك كلّ الأطراف ؛ لأنّه إذا ترك كلّ الأطراف فسوف يترك الجامع المنجّز عليه قطعا فيكون عاصيا فيستحق العقاب ، وهذا ممّا لا إشكال فيه.
وثانيا : أنّنا إذا قلنا بحرمة ترك كلّ الأطراف فلازمه أنّ الأصول الترخيصيّة لا يمكن جريانها في تمام الأطراف ؛ لأنّ جريانها كذلك يؤدّي إلى الترخيص في المخالفة القطعيّة وارتكاب المعصية قطعا ، وهذا قبيح بحكم العقل. فلا تجري الأصول المؤمّنة في تمام الأطراف ؛ لأنّها تؤدّي إلى الترخيص في المعصية القبيحة عقلا.
وثالثا : أنّنا اذا قلنا بعدم إمكان جريان الأصول في تمام الأطراف فلازم ذلك أن تتعارض الأصول فيما بينها ، وبالتالي تساقطها ؛ وذلك لأنّ كلّ طرف في نفسه مشمول للأصل المؤمّن ، باعتباره مشكوكا ، وحيث إنّ الأصول لا يمكن جريانها في تمام الأطراف ؛ لأنّها تؤدّي إلى المخالفة القطعيّة للمعلوم بالإجمال ، وحيث إنّ جريانها في بعض الأطراف دون الآخر ترجيح بلا مرجّح ، فيلزم من ذلك القول بتعارضها ، ومقتضى التعارض التساقط ؛ لأنّه الأصل الأوّلي عند التعارض كما سيأتي في محلّه.
ورابعا : والنتيجة على ضوء ما ذكرنا هي : أنّ كلّ طرف من أطراف العلم