مسلك السيّد الخوئي ؛ لأنّ مبادئ الحكم الواقعي في المتعلّق بينما مبادئ الحكم الظاهري في نفس جعله وتشريعه ، فالجهة مختلفة فلم تتّحد المبادئ المتنافية في مصبّ واحد.
وأما المرحلة الثالثة : فالتنافي بين الحكم الظاهري الترخيصي والحكم الواقعي الإلزامي في عالم الامتثال والمتطلّبات في الخارج ، إنّما يكون فيما لو كان الحكم الظاهري الترخيصي جاريا في كلّ طرف من الأطراف بنحو مطلق غير مشروط.
فإذا علمنا بنجاسة أحد الإناءين فهنا علم إجمالي بوجود نجاسة واقعيّة في أحدهما.
فإذا قلنا : إنّ أصالة البراءة تجري في كلّ من الإناءين مطلقا فهذا يتنافى مع وجود النجاسة الواقعيّة في مقام العمل ؛ لأنّ الترخيص في الطرفين معا لازمه جواز الارتكاب لأي الإناءين أراد ، بينما وجود النجاسة لازمها الامتناع عن أحدهما على الأقلّ.
وأمّا إذا قلنا : إنّ جريان الحكم الظاهري كالبراءة في الطرفين مشروط بأنّه إذا أجراها في هذا ألاّ يجريها في ذاك ، فإذا ارتكب أحدهما يشترط ألاّ يرتكب الآخر ، فهنا لن يحصل التنافي في مقام الامتثال ؛ لأنّه إذا أجرى البراءة في هذا الطرف وارتكبه سوف يرتفع موضوعها بلحاظ الطرف الآخر ؛ لارتفاع شرطه وهو ألاّ يرتكب الأوّل والحال أنّه ارتكبه.
والحاصل : أنّه لن يرتكب إلا طرفا واحدا وهذا لا يتنافى مع النجاسة الواقعيّة ؛ لأنّها موجودة في أحدهما لا فيهما معا ، أي أنّها تمنع عن أحدهما فقط لا عنهما معا ، وهذا حاصل.
هذا كلّه بناء على أنّ حكم العقل بوجوب الموافقة القطعيّة من باب الاقتضاء لا العلّيّة ، أي أنّه حكم معلّق على عدم ورود الترخيص ، فإذا ورد الترخيص ارتفع موضوع حكم العقل بوجوب الموافقة القطعيّة ، وفي موردنا يكون إجراء البراءة في الطرفين كلّ منهما مشروط بترك الآخر من قبيل ورود الترخيص الرافع لحكم العقل بوجوب الموافقة.
وبهذا يتّضح أنّه لا يوجد تناف بين الحكم الظاهري المفروض في مقامنا وهو