جريان الأصل في بعض الأطراف بلا معارض
اتّضح ممّا سبق أنّ دليل الأصل لا يفي لإثبات جريان الأصل المؤمّن في بعض الأطراف ، وذلك بسبب المعارضة ، ولكن قد تستثنى من ذلك عدّة حالات :
اتّضح من البحث السابق أنّه على القول بمسلك الاقتضاء لا يجري الأصل المؤمّن في بعض أطراف العلم الإجمالي للمعارضة وللترجيح بلا مرجّح ؛ ولأنّ أدلّة الأصول لا تثبت ذلك ؛ لأنّ لسانها مطلق من جهة وناظر إلى الفرد الخارجي من جهة أخرى ، فلا يستفاد منها تعلّقها بالجامع أو بالترخيص المشروط.
إلا أنّه توجد بعض الحالات يجري فيها الأصل المؤمّن بلا معارض ، فتكون مستثناة وخارجة من المحذور تخصّصا ؛ لأنّ المنع كان نتيجة المعارضة والترجيح بلا مرجّح ، وهنا يفترض أنّه لا معارض له لكي يكون الأخذ به ترجيحا على غيره ، وهذه الحالات هي :
منها : ما إذا كان في أحد طرفي العلم الإجمالي أصل واحد مؤمّن وفي الطرف الآخر أصلان طوليّان ؛ ونقصد بالأصلين الطوليّين أن يكون أحدهما حاكما على الآخر ورافعا لموضوعه تعبّدا.
ومثال ذلك : أن يعلم إجمالا بنجاسة إناء مردّد بين إناءين أحدهما مجرى لأصالة الطهارة فقط ، والآخر مجرى لاستصحاب الطهارة وأصالتها معا ؛ بناء على أنّ الاستصحاب حاكم على أصالة الطهارة.
الحالة الأولى : أن يكون في أحد طرفي العلم الإجمالي أصل ترخيصي واحد ، وفي الطرف الآخر يوجد أصلان ترخيصيّان طوليّان ، والمقصود من الطوليّة هنا أن أحدهما حاكم على الآخر ، أي أنّه ينظر إلى موضوع الآخر ويرفعه تعبّدا ، ولذلك فهو مقدّم عليه.