الإجمالي منجّزا ؛ لأنّه لا يصلح للتنجيز إلا على بعض تقادير معلومه ، وهذا التقدير غير معلوم ، فلا أثر عقلا لمثل هذا العلم الإجمالي.
ذكر المحقّق العراقي أنّه يشترط في العلم الإجمالي أن يكون منجّزا لمعلومه على جميع التقادير ، وهذا الشرط يعتبر بديلا عن الركن الثالث ؛ لأنّه يصل إلى نفس النتيجة.
بتوضيح : أنّنا إذا علمنا بنجاسة أحد الإناءين ، فهذا العلم الإجمالي ينجّز معلومه على جميع التقادير ، إذ كلّ طرف في نفسه يحتمل أن يكون هو النجس فيكون منجّزا.
وهذا معناه أنّ العلم الإجمالي قد نجّز معلومه وهو النجاسة على جميع تقادير وجودها سواء في هذا أم في ذاك ، وأمّا إذا كان أحدهما منجّزا بمنجّز آخر كقيام الأمارة على نجاسة هذا الإناء بعينه أو استصحاب النجاسة السابقة في هذا الإناء ، فهنا لا يكون العلم الإجمالي منجّزا لمعلومه على جميع التقادير بل على بعض التقادير فقط.
بمعنى أنّه لو لا العلم الإجمالي لم يكن منجّزا ، وأمّا إذا كان منجّزا بقطع النظر عن العلم الإجمالي فلا يؤثّر فيه العلم الإجمالي شيئا.
وبهذا يختلّ شرط منجّزيّة العلم الإجمالي لمعلومه على كلّ تقدير ؛ لأنّ الثابت هو منجّزيّته على بعض التقادير فقط.
وهذا التقدير غير معلوم بل مشكوك فتنتفي مؤثّريّة العلم الإجمالي في التنجيز واشتغال الذمّة بكلا الطرفين ، ويعود الشكّ بدويّا فتجري فيه الأصول الترخيصيّة.
وبتعبير آخر : يجب أن يكون كلّ طرف قابلا لأن يكون منجّزا بالعلم الإجمالي ، وإلا فلا يكون العلم الإجمالي مؤثّرا في المنجّزيّة.
فالعلم الإجمالي إنّما يكون علّة لوجوب الموافقة القطعيّة للطرفين فيما إذا كان كلّ منهما منجّزا بالعلم الإجمالي ، وهذا لا يكون إلا إذا كان كلّ من الطرفين مشكوكا في نفسه وقابلا لانطباق المعلوم بالإجمال عليه ، فمع خروج أحد الطرفين عن ذلك بقيام المنجّز عليه سوف يخرج عن قابليّة التنجيز بالعلم الإجمالي.
ويترتّب على ذلك : أنّ العلم الإجمالي لا يكون منجّزا إذا كان أحد طرفيه منجّزا بمنجّز آخر غير العلم الإجمالي من أمارة أو أصل منجّز ؛ وذلك لأنّ العلم