الإجمالي في هذه الحالة لا يصلح لتنجيز معلومه على تقدير انطباقه على مورد الأمارة أو الأصل ؛ لأنّ هذا المورد منجّز في نفسه ، والمنجّز يستحيل أن يتنجّز بمنجّز آخر ؛ لاستحالة اجتماع علّتين مستقلّتين على أثر واحد ، وهذا يعني أنّ العلم الإجمالي غير صالح لتنجيز معلومه على كلّ حال ، فلا يكون له أثر.
وعلى أساس هذا الشرط سوف لا يكون العلم الإجمالي منجّزا فيما إذا كان أحد طرفيه منجّزا بمنجّز آخر من أمارة مثبتة للتكليف أو استصحاب مثبت للتكليف أيضا.
فإنّه في هذه الحالة سوف لا يكون العلم الإجمالي منجّزا لمعلومه على كلّ تقدير ، بل على بعض التقادير ؛ وذلك لأنّ الطرف الذي فيه أمارة أو أصل منجّز لن يكون صالحا للتنجيز بالعلم الإجمالي ؛ لأنّه على تقدير انطباق مورد العلم الإجمالي على مورد الأمارة أو الأصل لن يكون هذا العلم منجّزا له ؛ لأنّه منجّز في نفسه وبقطع النظر عن العلم الإجمالي.
فيكون تنجيز العلم الإجمالي له من باب اجتماع علّتين مستقلّتين على معلول واحد وهو مستحيل ، إذ في هذا الطرف الذي فيه الأمارة أو الأصل سوف يكون الأمارة أو الأصل علّة لتنجيزه ، وسيكون العلم الإجمالي علّة لتنجيزه أيضا ، واجتماع علّتين على معلول واحد جائز بمعنى صيرورة كلّ منهما جزء العلّة ، وأمّا كون كلّ منهما علّة مستقلّة فهذا مستحيل.
وبهذا ظهر أنّ العلم الإجمالي هنا معطّل عن التنجز لاختلال شرطه المذكور ، فلا يكون مؤثّرا في وجوب الموافقة القطعيّة ؛ لأنّه في هذا الطرف لا ينجّز لأنّه منجّز ، وفي ذلك الطرف سوف يشكّ في كونه المعلوم بالإجمال ابتداء ، فيجري فيه الأصل المؤمّن لسقوط العلم الإجمالي عن المنجّزيّة وصيرورة الشكّ فيه بدويّا.
وبهذا نعرف أنّه يشترط أن يكون كلا الطرفين يقبلان التنجيز بالعلم الإجمالي ، وهذا يفترض أنّهما معا غير منجّزين بمنجّز آخر أو أحدهما أيضا.
والفرق العملي بين هاتين الصياغتين يظهر في حالة عدم تواجد أصل مؤمّن في أحد الطرفين ، وعدم ثبوت منجّز فيه أيضا سوى العلم الإجمالي ، فإنّ الركن الثالث حسب الصياغة الأولى لا يكون ثابتا ، ولكنّه حسب الصياغة الثانية ثابت ، والصحيح هو الصياغة الأولى.