وفرضنا الشكّ في كون غسل الجمعة يجزي عن الوضوء وعن الغسل ، فهنا قبل الاغتسال يعلم ببقاء الجامع وهو الحدث إمّا الأصغر وإمّا الأكبر ، ولكن بعد الاغتسال سوف يشكّ في بقاء الحدث وزواله باعتبار الشكّ في إجزاء غسل الجمعة عنهما أو عدم إجزائه ، فهنا يزول العلم بالجامع ويحلّ مكانه الشكّ ، وبالتالي تزول منجّزيّة العلم الإجمالي لاختلال أحد الأركان.
إلا أنّه في هذا المورد حيث يكون للجامع على تقدير التعبّد ببقائه أثر شرعي فيمكن جريان الاستصحاب فيه ؛ لأنّ الجامع وهو الحدث كان معلوما قبل الاغتسال ثمّ بعد الاغتسال يشكّ في ارتفاعه وببقائه فيجري استصحاب بقائه ، وهذا من القسم الثاني من استصحاب الكلّي والذي يجري بلا إشكال.
ويترتّب عليه نفس ما كان يترتّب على العلم الإجمالي ، لأنّه ما دام كلّي وطبيعي الحدث ثابتا بقاء بالتعبّد ، فكلّ الأعمال التي يشترط فيها الطهارة لا يمكن الإتيان بها إلا بالإتيان بالوضوء والغسل معا ، إذ الأمر دائر بينهما والاكتفاء بأحدهما لا يعني فراغ الذمّة يقينا من ذاك العمل المشروط بالطهارة ، وبهذا نصل إلى نفس النتيجة مع منجّزيّة العلم الإجمالي.
النحو الثالث : أن يكون الجامع المعلوم مردّدا بين تكليفين ، غير أنّ أحدهما على تقدير تحقّقه يكون أطول مكثا في عمود الزمان من الآخر ، كما إذا علم بحرمة الشرب من هذا الإناء إلى الظهر أو بحرمة الشرب من الإناء الآخر إلى الغروب ، فبعد الظهر لا علم بحرمة أحد الإناءين فعلا ، فهل يجوز الشرب من الإناء الآخر حينئذ لزوال العلم الإجمالي؟
النحو الثالث : أن يكون الجامع المعلوم مردّدا بين أمرين أحدهما أطول من الآخر في عمود الزمان ، فهنا إذا حلّ زمان أحدهما وانتهى سوف يشكّ في بقاء الجامع ؛ لأنّه إذا كان قد حدث من أول الأمر مع الفرد القصير فهو قد زال حتما ، وإن كان قد حدث مع الفرد الطويل فهو ثابت بقاء قطعا ، فيكون الجامع مردّدا أيضا في مرحلة البقاء غير معلوم الارتفاع وغير معلوم البقاء.
ومثاله : أن يعلم إجمالا بحرمة شرب أحد الإناءين ، ولكن أحدهما يعلم بحرمة شربه إلى الظهر والآخر إلى المغرب ، فهنا إذا حلّ وقت الظهر سوف يكون الإناء