هو واضح ، وهذا الجامع يدور أمره بين هذا الفرد القصير في كلّ الآنات وبين الفرد الطويل بكلّ الآنات أيضا ، بمعنى أنّ الفرد القصير ينحلّ إلى تكاليف ضمنيّة بحرمة الشرب من الإناء في كلّ الأوقات الواقعة إلى فترة الظهر ، فإنّ هذه الفترة يوجد فيها أفراد عديدة للشرب بعدد الآنات التي يقع فيها الشرب فتكون كلّ هذه الآنات داخلة مع الطرف في العلم الإجمالي.
وهكذا الحال في الفرد الطويل فإنّه يضمّ تكاليف انحلاليّة بعدد الآنات إلى حين الغروب بعدد الآنات التي يقع فيها الشرب ، وتكون كلّ هذه الآنات داخلة في العلم الإجمالي ، وحينئذ يكون العلم الإجمالي ابتداء ومن أوّل الأمر أي من حين حدوثه دائرا بين حرمة الشرب المنحلّة إلى آنات عديدة إلى حين الظهر أو حرمة الشرب المنحلّة إلى آنات عديدة إلى حين المغرب ، وهذا معناه أنّ كلّ الآنات الواقعة بين فترة ما بعد الظهر إلى المغرب داخلة في العلم الإجمالي وقد تنجّزت بهذا العلم.
ومجرّد حلول الظهر لا يعني زوال العلم الإجمالي بحرمة الشرب بعدد الآنات الواقعة بين الظهر والمغرب ، وإنّما يعني أنّ الطرف الأوّل وهو الفرد القصير قد تحقّق ؛ لأنّ آناته قد انتهت ، وأمّا الطرف الآخر فلم تنته آناته بعد مع كونه طرفا للعلم الإجمالي بكلّ ما يحتويه من آنات.
ومن الواضح أنّ تحقّق أحد طرفي العلم الإجمالي لا يعني أنّه يجوز جريان الأصول الترخيصيّة في الطرف الآخر الذي لم يتحقّق بعد ، وإلا لم يكن هناك علم إجمالي منجّز أصلا.
فمثلا إذا علمنا بوجوب الظهر أو الجمعة ، فالعلم ينجّز كلتا الصلاتين ، فإذا شرع في صلاة الظهر وأتمّها فهل تجري الأصول الترخيصيّة في الجمعة؟
والجواب بالنفي قطعا ؛ لأنّ صلاة الجمعة قد تنجّزت من أوّل الأمر والأصول الترخيصيّة قد سقطت من أوّل الأمر قبل الشروع بإحداهما.
ومقامنا من هذا القبيل فإنّ الأصول الترخيصيّة الجارية في الفرد الطويل بكلّ آناته قد سقطت من أوّل الأمر وقبل انتهاء أمد الفرد القصير لمعارضتها بالأصول الترخيصيّة في الفرد القصير بكلّ آناته.