وبتعبير آخر : إنّه يوجد لدينا علمان إجماليّان :
الأوّل : العلم الإجمالي الدائر بين الفردين القصير والطويل ، أي أنّه يعلم بثبوت أحدهما على سبيل الإجمال ، أحدهما على تقدير ثبوته فأمده إلى الظهر أو إلى الاغتسال بغسل الجمعة ، والآخر أمده إلى المغرب أو إلى الاغتسال بغسل الجنابة.
الثاني : العلم الإجمالي الدائر بين تكليفين أحدهما واقعي وهو حرمة الشرب إلى الظهر ، فإنّها متيقّنة من أوّل الأمر سواء كانت ضمن الفرد القصير أو الفرد الطويل ، والآخر ظاهري وهو حرمة الشرب ما بعد الظهر الثابتة باستصحاب الفرد الطويل على تقدير حدوثه إلى المغرب. والعلم الإجمالي الأوّل هو الذي يسقط عن المنجّزيّة بعد حلول الظهر ؛ لأنّ الفرد الطويل لا علم بثبوت التكليف فيه والفرد القصير قد علم بارتفاع التكليف عنه.
وأمّا العلم الإجمالي الثاني فهو باق على منجّزيّته حتّى بعد حلول الظهر ؛ لأنّ فترة ما بعد الظهر داخلة في أحد الطرفين بالاستصحاب ، والحال أنّها قد تنجّزت من أوّل الأمر بالعلم الإجمالي وهو لا يزول بارتفاع أحد الطرفين كما هو واضح (١).
__________________
(١) لعلّ السيّد الشهيد لا يرتضي مثل هذا الجواب ؛ وذلك لأنّه من أوّل الأمر يجري استصحاب الجامع ، فإنّه معلوم الحدوث ما قبل الظهر ومشكوك البقاء بعد الظهر ، فيجري استصحابه حتّى على القول بأنّ اليقين بالحدوث شرط في الاستصحاب لا خصوص الحدوث.
ومع جريان استصحاب الجامع وهو كلّي الحدث أو كلّي حرمة الشرب يترتّب الأثر المطلوب ترتّبه على الفرد الطويل ؛ لأنّ الفرد القصير قد علم ارتفاعه فيرتفع الأثر المترتّب عليه ، وأمّا الفرد الطويل فلم يرتفع فيبقى الأثر مترتّبا عليه ؛ لأنّه هو الذي يمثّل المصداق للجامع المستصحب.
وهذا يسمّى باستصحاب الكلّي من القسم الثاني كما سيأتي توضيحه في أقسام استصحاب الكلّي.
نعم لا يجري استصحاب الفرد بخصوصه ، أي في الفرد الطويل بعنوانه الخاص لا يجري فيه الاستصحاب ؛ لأنّه غير متيقّن الحدوث ، هذا على اشتراط اليقين بالحدوث.
وحينئذ لا حاجة لافتراض علم إجمالي آخر متعلّق بالتكليف الواقعي في أحد الطرفين أو بالتكليف الظاهري في الطرف الآخر.