الحالة الثانية : أن يعلم إجمالا بنجاسة أحد الطعامين ويكون مضطرّا فعلا إلى تناول أحدهما ، ولا شكّ في أنّ المكلّف يسمح له بتناول ما يضطرّ إليه ، وإنّما نريد أن نعرف أنّ العلم الإجمالي هل يكون منجّزا لوجوب الاجتناب عن الطعام الآخر أو لا؟
الحالة الثانية : أن يكون مضطرّا إلى ارتكاب أو ترك بعض أطراف العلم الإجمالي ، كما إذا علم بنجاسة أحد إناءين وكان مضطرّا للشرب من أحدهما لانحصار الماء فيهما مثلا.
وهنا لا إشكال في أنّ المكلّف يجوز له الشرب من الإناء المضطرّ إلى الشرب منه ؛ لأنّ حرمة الشرب ترتفع عند الاضطرار استنادا إلى مثل قوله : « رفع ما اضطروا إليه » ، ولقوله تعالى : ( فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ )(١).
وإنّما الكلام في أنّ العلم الإجمالي هل لا يزال منجّزا لوجوب الاجتناب عن الإناء الآخر ، أو أنّ منجّزيّته في هذه الحالة تسقط؟
وللجواب عن ذلك نقول :
وهذه الحالة لها صورتان : إحداهما أن يكون الاضطرار متعلّقا بطعام معيّن ، والأخرى أن يكون بالإمكان دفعه بأي واحد من الطعامين.
والتحقيق في المسألة أنّ حالة الاضطرار لها صورتان :
الأولى : أن يكون مضطرّا إلى تناول أحد الإناءين بعينه أي الإناء المعيّن ، كما إذا أكرهه شخص على الشرب من هذا الإناء الذي تحت يده مع علمه بأنّه أو الإناء الآخر نجس ، أو كان شفاؤه من المرض متوقّفا على الشرب من هذا الإناء المعيّن دون الآخر.
الثانية : أن يكون الاضطرار إلى أحدهما غير المعيّن بحيث كان دفع الاضطرار يتحقّق بهذا الإناء وبذاك أيضا ، بأن أكره على الشرب من أحدهما غير المعيّن أو كانا معا ممّا يمكن المعالجة فيه.
__________________
(١) البقرة : ١٧٣.