معارضة بالأصول الترخيصيّة الجارية في الفرد القصير بكلّ آناته إلى حين الاضطرار (١).
وقد يفترض الاضطرار قبل العلم ولكنّه متأخّر عن زمان النجاسة المعلومة ، كما إذا اضطرّ ظهرا إلى تناول أحد الطعامين ثمّ علم ـ قبل أن يتناول ـ أنّ أحدهما تنجّس صباحا ، وهنا العلم بجامع التكليف الفعلي موجود فالركن الأوّل محفوظ ، ولكنّ الركن الثالث غير محفوظ ؛ لأنّ التكليف على تقدير انطباقه على مورد الاضطرار فقد انتهى أمده ولا أثر لجريان البراءة عنه فعلا ، فتجري البراءة في الطرف الآخر بلا معارض.
النحو الثالث : أن يكون الاضطرار إلى أحد الإناءين حادثا قبل طروّ العلم الإجمالي بنجاسة أحدهما ، إلا أنّ المعلوم بالعلم الإجمالي متقدّم على الاضطرار ، فيكون الاضطرار قبل العلم إلا أنّ المعلوم قبل الاضطرار لا بعده.
مثاله : ما إذا اضطرّ إلى شرب أحد الإناءين بعينه ثمّ علم بعد الاضطرار إلى الشرب وقبل الشرب أنّ أحدهما نجس قبل أن يحدث الاضطرار ، بأن كان زمان الاضطرار الظهر وزمان العلم بعد الظهر إلا أنّ زمان المعلوم منذ الصباح.
وهنا يسقط العلم الإجمالي عن المنجّزيّة لاختلال الركن الثالث وهو شمول الأصول الترخيصيّة لكلا الطرفين ؛ وذلك لأنّ العلم الإجمالي هنا نشأ بعد الاضطرار إلى أحدهما المعيّن ، وهذا يعني أنّه دائر بين طرفين أحدهما لا تكليف فيه أصلا حتّى على تقدير كونه نجسا ؛ لأنّ الاضطرار يرفع التكليف واقعا ، والآخر على تقدير كونه نجسا فهو حرام ، إلا أنّه لا يحرز انطباق المعلوم بالعلم الإجمالي عليه.
وأمّا إذا لاحظنا كون المعلوم بالإجمال وهو نجاسة أحدهما ثابتا قبل الاضطرار ، فيكون العلم الإجمالي دائرا بين الفردين الطويل والقصير فيكون العلم بجامع الحرمة موجودا.
__________________
(١) إلا أنّ الشيخ الأنصاري ذهب هنا إلى انحلال العلم الإجمالي لزوال العلم بالجامع ؛ لأنّ الطرف المضطرّ إليه لا تكليف فيه فعلا ، فلا يبقى العلم بجامع التكليف معلوما على كلّ تقدير ، وفيه : إنّ سقوط التكليف عن المنجّزيّة الفعليّة لا يزيل العلم الإجمالي ولا يوجب انحلاله.