استظهارها من دليل القاعدة يترتّب عليه بعض الآثار أيضا ، من قبيل عدم شمول دليل القاعدة لموارد انعدام الأماريّة والكشف نهائيّا ، ومن هنا يقال بعدم جريان قاعدة الفراغ في موارد العلم بعدم التذكّر حين العمل.
الوجه الثالث : ما اختاره السيّد الشهيد من تفسير لحقيقة الحكم الظاهري ، وتوضيحه : أنّ الشارع عند ما يجعل الحكم الظاهري في عالم التشريع والواقع عند الشكّ والاشتباه ، تارة يلاحظ أهمّيّة الاحتمال الكاشف فيجعل الحجّيّة لهذه الكاشفيّة ، كما هو الحال في الأمارات كخبر الثقة وحجّيّة الظهور.
وأخرى يلاحظ أهمّيّة المحتمل أي نوع الحكم كالتسهيل أو التنجيز فيجعل الحجّيّة للحكم الظاهري على أساس أهمّيّة المحتمل ، وهذا ما يسمّى بالأصل العملي ؛ لأنّه يحدّد الموقف والوظيفة العمليّة للشاكّ من تنجيز أو تعذير ، فإذا لم يلاحظ شيئا آخر مع أهمّيّة المحتمل سمّي بالأصل العملي البحت.
وثالثة يلاحظ أهمّيّة المحتمل منضمّا إليها شيئا آخر وهو قوّة الاحتمال الكاشف أيضا ، كما هو الحال في الاستصحاب وقاعدة الفراغ ، وهذا ما يسمّى بالأصل العملي التنزيلي أو المحرز.
فالفرق بين الأصل العملي المحض والأصل المحرز والتنزيلي هو كون الأوّل لوحظ فيه ثبوتا أهمّيّة المحتمل فقط ، بينما الثاني لوحظ فيه أهمّيّة المحتمل والاحتمال أيضا.
فقاعدة الاستصحاب لوحظ فيها نوع المحتمل أي نفس القضيّة المستصحبة المتواجد فيها الأركان الأربعة للاستصحاب ، ولوحظ فيها قوّة الاحتمال الكاشف أي غلبة أنّ ما يوجد يبقى.
وقاعدة الفراغ لوحظ فيها نوع المحتمل وهو العمل الذي تمّ الفراغ منه ، وقوّة الاحتمال الكاشف وهو غلبة التذكّر والالتفات إلى الإتيان بالعمل على وجهه الصحيح.
إلا أنّ المحرزيّة الثابتة لقاعدة الفراغ لا تجعل مثبتات القاعدة حجّة ، ولذلك إذا حكم بصحّة الوضوء الذي صلّى بعده الظهر استنادا إلى قاعدة الفراغ لا يعني ذلك أنّ الوضوء ثابت الآن ليجوز له الدخول بصلاة العصر بهذا الوضوء ؛ وذلك لأنّ