ثالثها : ألاّ يكون وجود المنجّز الشرعي متأخّرا عن حدوث العلم الإجمالي.
الشرط الأوّل : ألاّ يقلّ المتنجّز بالأمارة أو بالأصل عن المعلوم بالعلم الإجمالي ، بل يكون إمّا زائدا أو مساويا ، فإذا علمنا بنجاسة إناءين من عشرة وقامت الأمارة أو الأصل على نجاسة اثنين معيّنين منها تمّ الانحلال الحكمي.
وأمّا إذا قامت الأمارة أو الأصل على نجاسة واحد فقط ، فهنا يخرج الطرف عن العلم الإجمالي إلا أنّ الأطراف الأخرى لا تزال على طرفيّتها ؛ إذ العلم الإجمالي بلحاظها غير منحلّ لا حقيقة ولا حكما.
فكما اشترط في انحلال العلم الإجمالي الكبير بالعلم الإجمالي الصغير أن يكون المعلوم إجمالا في الصغير أزيد أو مساويا للكبير فكذلك هنا ؛ لأنّ الانحلال نفسه يفترض مساواة الشيء المنحلّ مع المنحلّ فيه ، أو كونه أقلّ منه لا أزيد.
والشرط الثاني : أن يكون التكليف المعلوم إجمالا هو نفسه التكليف المنجّز بالأمارة أو بالأصل ، إذ لو كان التكليف فيهما متغايرا لما حصل الانحلال.
فمثلا إذا علمنا بنجاسة أحد الإناءين إجمالا فلا بدّ أن تكون الأمارة أو الأصل المنجّزين لأحد الإناءين بعينه دالّة على نفس التكليف المعلوم إجمالا بأن تشهد البيّنة بنجاسة هذا الإناء ، أو يجري استصحاب نجاسة هذا الإناء. وأمّا إذا كانت الأمارة أو الأصل منجّزة للإناء بتكليف آخر غير النجاسة بأن قامت على كونه مغصوبا فهنا لا يتحقّق الانحلال.
وبتعبير آخر : يشترط في الأمارة أو الأصل أن يكون التكليف المتنجّز بهما في أحد الأطراف متّحدا في سببه مع التكليف المتنجّز في العلم الإجمالي ، أي أنّ سبب العلم الإجمالي هو نفسه ما قامت عليه الأمارة أو الأصل.
وأمّا لو كان السبب فيهما متغايرا فلا يتحقّق الانحلال إذ يوجد سببان مستقلاّن للتنجيز ، وموضوعهما مختلف.
والشرط الثالث : ألاّ يكون قيام الأمارة أو الأصل متأخّرا عن العلم الإجمالي ، بل إمّا أن يكونا قبله أو مقارنين له ، فإذا كان لدينا إناءان وكان أحدهما نجسا سابقا ، فهنا يجري استصحاب نجاسته فيكون منجّزا ، أو أخبرت البيّنة بنجاسته فيتنجّز بالأمارة.
فإذا علمنا إجمالا بعد ذلك بنجاسة أحدهما سوف لا يكون هذا العلم الإجمالي