واحد ، وبعد اختلال الركن الثالث بهذه الصياغة يحصل الانحلال الحكمي (١).
وأمّا إذا اختلّ الشرط الأوّل فالعلم الإجمالي منجّز للعدد الزائد ، والأصول بلحاظه متعارضة.
ذكرنا أنّ الانحلال الحكمي فيه ثلاثة شروط فإذا اختلّ واحد منها فالعلم الإجمالي لا ينحلّ.
وعليه فنقول : إذا اختلّ الشرط الأوّل بأن كان العدد المعلوم بالإجمال أزيد من العدد الذي تنجّز بالأمارة أو بالأصل ، فمورد الأمارة يخرج عن دائرة العلم الإجمالي وكذا مورد الأصل ، وأمّا المقدار الزائد فهو لا يزال مرددا بين الأطراف الأخرى ، والعلم الإجمالي لا يزال منجّزا بلحاظه ؛ لعدم اختلال ركنه الثالث ، إذ الأصول الترخيصيّة في تلك الأطراف سوف تجري فيها جميعا ، وبالتالي تتعارض وتتساقط.
فإذا علمنا إجمالا بنجاسة إناءين من العشرة وقامت الأمارة أو الأصل على نجاسة أحد العشرة بعينه فهنا يخرج هذا الطرف عن دائرة العلم الإجمالي ، وأمّا سائر الأطراف فلا يزال العلم منجّزا لها للعلم بنجاسة أحدها ؛ ولأنّ الأصول الترخيصيّة الجارية في كلّ طرف متعارضة فيما بينها.
وإذا اختلّ الشرط الثاني فالأمر كذلك ؛ لأنّ ما ينجّزه العلم في مورد الأمارة غير ما تنجّزه الأمارة نفسها.
وإذا اختلّ الشرط الثاني بأن كان التكليف المنجّز بالأمارة أو بالأصل مغايرا للتكليف المنجّز بالعلم الإجمالي فلا يتحقّق الانحلال أيضا ؛ لأنّ ما يتنجّز بالأمارة غير ما يتنجّز بالعلم ، أي أنّ السبب في كلّ منهما مغاير للسبب في الآخر ، فيكون
__________________
(١) وإنّما سمّيت هذه الموارد بالانحلال الحكمي من أجل تمييزها عن موارد الانحلال الحقيقي أو الانحلال التعبّدي على فرض وقوعه ، ووجه التسمية أنّ العلم الإجمالي رغم وجوده حقيقة إلا أنّ حكمه وهو المنجّزيّة لكلا الطرفين ساقط ، فمن أجل سقوط حكمه سمّي بالانحلال الحكمي.
ثمّ إنّه ينبغي أن يعلم أنّ الانحلال الحكمي إنّما يحتاج فيه إلى هذه الشروط فيما إذا كان المنجّز أصلا عمليّا مطلقا ، أو أمارة غير معيّنة للمعلوم الإجمالي ، وأمّا إذا كان لدينا أمارة معيّنة ومشخّصة للمعلوم الإجمالي فهي توجب الانحلال الحكمي مطلقا سواء كانت قبل العلم الإجمالي أو بعده.