مورد الأمارة منجّز من جهتين : الأولى بلحاظ الأمارة ، والثانية بلحاظ العلم الإجمالي ، وأمّا سائر الأطراف فهي منجّزة بالعلم الإجمالي فقط.
كما إذا علم بنجاسة أحد الإناءين وقامت الأمارة أو الأصل على غصبيّة أحدهما بعينه ، فهنا يكون مورد الأمارة منجّز من ناحيتين : من ناحية الغصبيّة ، ومن ناحية النجاسة ، وسائر الأطراف الأخرى منجّزة من ناحية النجاسة المعلومة إجمالا.
وكون مورد الأمارة متنجّزا لا يعني سقوط الأصول الترخيصيّة فيه رأسا ، بل تسقط الأصول الترخيصيّة فيه بلحاظ التكليف المنجّز بالأمارة ، وأمّا الأصول الترخيصيّة من ناحية العلم الإجمالي فهي لا تزال جارية فيه ، وهي معارضة بالأصول الترخيصيّة من ناحية العلم الإجمالي في الأطراف الأخرى ، فهي ساقطة من جهة ولكنّها ثابتة من جهة أخرى.
وإذا اختلّ الشرط الثالث كان العلم الإجمالي منجّزا والركن الثالث محفوظا ؛ لأنّ الأصول المؤمّنة في غير مورد الأمارة والأصل الشرعي المنجّز معارضة بالأصول الترخيصيّة المؤمّنة التي كانت تجري في موردهما قبل ثبوتهما.
وبكلمة أخرى : إذا أخذنا من مورد المنجّز الشرعي فترة ما قبل ثبوت هذا المنجّز ومن غيره الفترة الزمنيّة على امتدادها حصلنا على علم إجماليّ تامّ الأركان فينجّز.
وإذا اختلّ الركن الثالث بأن كان لدينا علم إجمالي بنجاسة أحد الإناءين ، ثمّ قامت الأمارة أو الأصل الشرعي على نجاسة أحدهما المعيّن ، بنحو يمكن أن يكون ما تنجّز بالأمارة أو بالأصل مصداقا للمعلوم بالإجمال ، بأن كان المعلوم الإجمالي نجاسة ما ، وكان المتنجّز نجاسته بالدم أو كان المعلوم الإجمالي النجاسة بالدم وكان التنجّز النجاسة بالدم أيضا ، ولكن يحتمل أن تكون غير النجاسة الأولى ويحتمل أن يكون نفسها ، فلم يكن مورد الأمارة المتنجّز مشخّصا ومعيّنا للمعلوم بالإجمال بل يكون محتملا لذلك ولعدمه ، فهنا لا ينحلّ العلم الإجمالي لتماميّة أركانه.
أمّا الانحلال الحقيقي فلعدم سريان العلم من الجامع إلى الفرد ، إذ لا علم وجداني ، وأمّا الانحلال التعبّدي أو التعبّد بالانحلال فلا واقع له بل هو مجرّد فرض فقط ، وأمّا الانحلال الحكمي فلأنّ الركن الثالث وهو جريان الأصول الترخيصيّة في كلا الطرفين لا يزال على حاله.