وهنا ذهب الميرزا ومدرسته إلى سقوط منجّزيّة العلم الإجمالي في الفرض المذكور ، وذلك لاختلال الركن الثالث من أركان منجّزيّته ؛ وذلك لأنّ هذا الركن كانت صياغته على مسلك المشهور هي جريان الأصول الترخيصيّة في كلّ الأطراف ، وهنا لا تجري الأصول الترخيصيّة في الطرف المشترك.
وتوضيحه : أنّنا إذا علمنا إجمالا بنجاسة أحد الإناءين الأبيض أو الأسود ثمّ علمنا إجمالا بنجاسة الأسود أو الأحمر ، فهنا على أساس العلم الإجمالي المتقدّم قد جرت الأصول الترخيصيّة في كلا الإناءين الأبيض والأسود وتساقطت بسبب المعارضة فيما بينها.
فإذا علمنا إجمالا بنجاسة إمّا الأسود وإمّا الأحمر ، فهنا الأصول الترخيصيّة الجارية في الإناء الأحمر لا معارض لها ؛ لأنّ الأصول الترخيصيّة في الإناء الأسود قد سقطت سابقا لمعارضتها بالأصول الترخيصيّة في الإناء الأبيض ، وبهذا تكون الأصول المؤمّنة في الطرف الأحمر المختصّ بالعلم الإجمالي المتأخّر جارية بلا معارض ، فينحلّ العلم الإجمالي بلحاظها ويسقط عن المنجّزيّة فيها ، ويمكن تصوير اختلال الركن الثالث على صياغة المحقّق العراقي أيضا.
فنقول : إنّ العلم الإجمالي المتقدّم قد نجّز معلومه على كلّ تقدير ، أي سواء كانت ضمن الأبيض أو الأسود لصلاحيّة وقابليّة كلّ منهما لذلك ، وأمّا العلم الإجمالي المتأخّر فلا يمكنه تنجيز معلومه على كلّ تقدير ؛ لأنّه على تقدير كونه في الإناء الأسود المشترك فهو قد تنجّز سابقا بالعلم الإجمالي السابق ، والمنجّز لا يمكن أن يتنجّز مرّة أخرى ، فيكون العلم الإجمالي الثاني ساقطا عن المنجّزيّة ؛ لأنّه غير صالح لتنجيز معلومه على جميع التقادير وإنّما على بعض التقادير فقط ، وهذا البعض غير معلوم ، بل هو مشكوك فتجري فيه الأصول المؤمّنة بلا محذور.
ولكنّ الصحيح عدم السقوط عن المنجّزيّة ، وبطلان التقريبين السابقين ؛ وذلك لأنّ العلم الإجمالي الأوّل لا يوجب التنجيز في كلّ زمان ، وتعارض الأصول في الأطراف كذلك إلا بوجوده الفعلي في ذلك الزمان لا بمجرّد حدوثه ولو في زمان سابق.
وعليه ، فتنجّز الطرف المشترك بالعلم الإجمالي السابق في زمان حدوث العلم