طرفان فقط وهما الإناءان الأبيض والأسود ، ولذلك كانت الأصول الترخيصيّة في الإناء الأسود معارضة بالأصول الترخيصيّة في الإناء الأبيض.
وهذه المعارضة تبقى على حالها في كلّ زمان وفي كلّ آن ما دامت الأصول الترخيصيّة جارية في الطرفين ، فإذا وصلنا إلى الزمان الذي حدث فيه العلم الإجمالي الثاني الدائر بين الإناءين الأحمر والأسود ، وجدنا أنّ الأصول الترخيصيّة الجارية فعلا في الإناء الأسود المشترك بين العلمين لها معارضان :
الأوّل : الأصول الترخيصيّة في الإناء الأبيض المختصّ بالعلم السابق. والثاني : الأصول الترخيصيّة في الإناء الأحمر المختصّ بالعلم اللاحق ؛ لأنّه في هذا الآن المعيّن من الزمان كان لدينا تعاصر بين العلمين ؛ لأنّهما موجودان في عرض واحد.
وهذا يعني أنّهما بالتحليل يرجعان إلى علم إجمالي واحد دائر بين الإناء الأسود من جهة وبين الإناءين الأبيض والأحمر من جهة أخرى ، فإنّنا نعلم إجمالا بثبوت تكليف واحد في الإناء المشترك أو بثبوت تكليفين مختصّين في الإناءين الآخرين ، والأصول الترخيصيّة الجارية في الإناء المشترك معارضة بالأصول الترخيصيّة الجارية في الإناءين المختصّين معا ، ولا معنى لتوهّم معارضة الأصول الترخيصيّة الجارية في الإناء المشترك بالأصول الترخيصيّة في أحد الإناءين المختصّين ؛ لأنّه ترجيح بلا مرجّح.
إذ المفروض أنّه في هذا الآن الزماني يوجد موضوعان للأصول الترخيصيّة : أحدهما الإناء الأبيض ، والآخر الإناء الأحمر ، فتخصيص المعارضة بأحدهما دون الآخر ترجيح بلا مرجّح ، فيتعيّن كون المعارضة من جهة بين الأصول الجارية في الإناء الأسود المشترك ، ومن جهة أخرى بين الأصول الترخيصيّة في الإناءين المختصّين الأبيض والأحمر ، وهذا يعني أنّ الركن الثالث لا يزال محفوظا ولم ينهدم ليقال ببطلان المنجّزيّة (١).
__________________
(١) بقي شيء ، وهو أنّ الميرزا ادّعى هنا الانحلال الحقيقي ، وأنّ العلم الإجمالي المتأخّر ليس علما في التكليف ليكون منجّزا.
ببيان : أنّه إذا علمنا إجمالا بنجاسة أحد الإناءين الأبيض أو الأسود فهذا علم إجمالي بالتكليف منجّز لتماميّة أركانه ، فإذا علمنا إجمالا بنجاسة أحد الإناءين الأسود أو الأحمر فهذا ليس علما إجماليّا بالتكليف ، فلا يكون منجّزا وإن كانت أركانه تامّة ؛ لأنّ العلم الإجمالي المنجّز هو العلم بالتكليف كما تقدّم.