والوجه في عدم منجّزيّته أحد تقريبين :
الأوّل : تطبيق فرضيّة العلمين الإجماليين المتقدّم والمتأخّر في المقام ، بأن يقال : إنّه يوجد لدى المكلّف علمان إجماليّان بينهما طرف مشترك وهو المائع الآخر ، فينجّز السابق منهما دون المتأخّر.
وهذا التقريب إذا تمّ يختصّ بفرض تأخّر الملاقاة أو العلم بها على الأقلّ عن العلم بنجاسة أحد المائعين ، ولكنّه غير تامّ كما تقدّم.
التقريب الأوّل : أن يقال : إنّ العلمين الإجماليّين هنا من العلمين المشتركين في طرف واحد وأحدهما متقدّم على الآخر ؛ وذلك لأنّنا نعلم إجمالا بنجاسة أحد المائعين ثمّ حصل علم إجمالي آخر متأخّر دائر بين نجاسة الثوب أو نجاسة الإناء الآخر الموجود في العلم الإجمالي السابق.
فالإناء الآخر مشترك بين العلمين الإجماليّين المتقدّم والمتأخّر ، وفي هذه الحالة لا يكون العلم الإجمالي المتأخّر منجّزا لطرفيه ؛ لاختلال الركن الثالث بصيغتيه كما تقدّم ، فإنّ الطرف المشترك منجّز بالعلم الإجمالي السابق فلا يتنجّز بالعلم الإجمالي اللاحق ، أو لأنّ الأصول الترخيصيّة تجري في أحدهما دون الآخر ، فإنّها لا تجري في الطرف المشترك لسقوطها فيه. وفيه :
أوّلا : ما تقدّم من منجّزيّة العلمين الإجماليّين المشتركين في أحد الأطراف ، وعدم انهدام الركن الثالث.
وثانيا : لو سلّم عدم منجّزيّة العلم المتأخّر فهذا إنّما يتمّ فيما إذا كانت نفس الملاقاة بين الثوب وأحد المائعين متأخّرة عن العلم الإجمالي السابق ، أو على الأقلّ كان العلم بالملاقاة متأخّرا عن العلم الإجمالي السابق وإن كانت نفس الملاقاة حاصلة قبله أو مقارنة له ، ولا يتمّ فيما إذا كانت الملاقاة والعلم بها متقدّما على العلم الإجمالي الأوّل ؛ لأنّ العلم الإجمالي يكون متعلّقا بثلاثة أطراف من أوّل الأمر فيتنجّز الثوب أيضا.
الثاني : أنّ الركن الثالث منهدم ؛ لأنّ أصل الطهارة يجري في الثوب بدون معارض ؛ وذلك لأنّه أصل طولي بالنسبة إلى أصل الطهارة في المائع الذي لاقاه الثوب ـ ولنسمّه المائع الأوّل ـ فأصالة الطهارة في المائع الأوّل تعارض أصالة