وتوضيحه : أنّنا إذا علمنا بنجاسة إناء من ضمن آلاف الأواني كعشرة آلاف مثلا ، فهنا رقم اليقين يرمز إليه بواحد ، وهذا الرقم ينقسم بالتساوي على كلّ الأطراف ، فكلّ طرف قيمته الاحتماليّة تساوي ١ / ١٠٠٠٠ من حيث انطباق المعلوم بالإجمال عليه ، وفي المقابل يكون هناك ٩٩٩٩ / ١٠٠٠٠ من حيث عدم الانطباق ، وهذا الرقم يوجب الاطمئنان العرفي في كونه طاهرا.
وهذا الاطمئنان العرفي حجّة ؛ لأنّ العقلاء قد انعقدت سيرتهم على العمل بالاطمئنان ، والشارع قد أمضى هذه السيرة العقلائيّة بسكوته وعدم الردع عنها ، فيكون الاطمئنان العقلائي العرفي حجّة شرعا يجوز التعويل عليه.
وإذا فرضنا الأطراف بنحو من الكثرة تبلغ مئات الآلاف ، كانت القيمة الاحتماليّة للانطباق على كلّ طرف ضئيلة جدّا ممّا يقطع بخلافها ، أو على الأقلّ يوجد هناك اطمئنان فعلي بعدم الانطباق ، وهكذا الحال في كلّ طرف طرف ، فتكون النتيجة جواز ارتكاب جميع الأطراف ؛ لأنّه يطمئنّ بعدم انطباق المعلوم بالإجمال على كلّ طرف طرف يلحظ وحده دون أن يكون منضمّا إلى غيره ، وبالتالي سوف يخالف المعلوم بالإجمال قطعا فيما لو ارتكب جميع الأطراف ، إلا أنّ هذه المخالفة جائزة شرعا بسبب الاطمئنان الموجود فعلا بلحاظ كلّ طرف طرف.
والحاصل : أنّه يطمأنّ بعدم التكليف في كلّ طرف طرف بناء على حساب الاحتمالات ، وهذا لازمه أنّه لا عقاب بلحاظ كلّ طرف طرف ، فمخالفة المعلوم بالإجمال لا عقاب عليها ؛ لأنّه لا تكليف بلحاظ الأطراف نفسها.
وقد استشكل المحقّق العراقي (١) وغيره باستشكالين على هذا التقريب :
أحدهما : محاولة البرهنة على عدم وجود اطمئنان فعلي بهذا النحو ؛ لأنّ الأطراف كلّها متساوية في استحقاقها لهذا الاطمئنان الفعلي بعدم الانطباق ، ولو وجدت اطمئنانات فعلّية بهذا النحو في كلّ الأطراف لكان مناقضا للعلم الإجمالي بوجود النجس مثلا في بعضها ؛ لأنّ السالبة الكلّيّة التي تتحصّل من مجموع الاطمئنانات مناقضة للموجبة الجزئيّة التي يكشفها العلم الإجمالي.
ذكر المحقّق العراقي وغيره إشكالين على هذا التقريب هما :
__________________
(١) مقالات الأصول ٢ : ٢٤٢.