على سائر الأطراف لم يحصل لنا اطمئنان فعلي بعدم انطباق المعلوم بالإجمال على هذا الطرف.
فالاطمئنان الفعلي في هذا الطرف مشروط بأن لا يطمأنّ فعلا بعدم الانطباق في مجموع الأطراف الأخرى. وليس هذا الاطمئنان الفعلي مطلقا سواء حصل اطمئنان بعدم الانطباق في سائر الأطراف أم لم يحصل.
والوجه في كون الاطمئنان هنا مشروطا لا مطلقا هو : أنّ هذا الاطمئنان منشؤه وسببه هو حساب الاحتمالات ؛ لأنّنا لو فرضنا وجود مئات الآلاف من الأطراف فسوف تكون النسبة الاحتماليّة لانطباق المعلوم بالإجمال على هذا الطرف بالذات نسبة ضئيلة جدّا لا يعتنى بها عرفا ، بل تزول بنظر العرف وإن كانت لا تزال موجودة بالدقّة ، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى سوف نحصل على شبه إجماع أو إجماع على نفي احتمال انطباق المعلوم بالإجمال على هذا الطرف ؛ لأنّ القيمة الاحتماليّة لوجوده فيه ضئيلة بينما القيمة الاحتماليّة لعدم وجوده فيه ، وبالتالي لوجوده في سائر الأطراف قيمة عالية جدا قريبة من القطع.
والحاصل : أنّ القيم الاحتماليّة ضآلة أو كثرة هي الملاك ؛ لكون المعلوم بالإجمال منطبقا على سائر الأطراف كمجموع ، وغير منطبق على كلّ طرف بلحاظ ذاته.
وعلى هذا نقول : إنّنا إذا أخذنا كلّ طرف لوحده فيحصل لنا اطمئنان فعلي بعدم انطباق المعلوم بالإجمال عليه ، إلا أنّ هذا الاطمئنان ليس ثابتا مطلقا ، بل بتقدير انطباق المعلوم بالإجمال على سائر الأطراف.
ولو فرض أنّ هذا الاطمئنان ثابت فعلا ومطلق على جميع التقادير سواء كان المعلوم بالإجمال منطبقا على سائر الأطراف أم لا لكانت النتيجة كما ذكر في الإشكال ، إلا أنّ هذا يفترض أنّ الاطمئنان الفعلي بعدم الانطباق في هذا الطرف ليس منشؤه بحساب الاحتمالات وإجماع القيم الاحتماليّة في سائر الأطراف على نفي الانطباق على هذا الطرف ، وهو خلف المفروض.
وبتعبير آخر : لو كان عدم الانطباق في هذا الطرف يجتمع مع عدم الانطباق في كلّ طرف من الأطراف الأخرى لكان معناه أنّنا نعلم بأنّ بعض هذه الأطراف كاذبة