الطهارة ، فهنا الالتزام بكلتا الأمارتين يؤدّي إلى الترخيص في المخالفة المعلومة إجمالا ، والالتزام بأحدهما ترجيح بلا مرجّح ، فيتعيّن سقوطهما للتعارض بينهما.
وكلا السببين غير متوفّر في المقام.
وفي مقامنا حيث يجري في كلّ طرف اطمئنان فعلي بعدم انطباق المعلوم بالإجمال عليه على تقدير أن يكون المعلوم بالإجمال موجودا في سائر الأطراف الأخرى ، سوف لن يتحقّق شيء من هذين السببين ، وبيانه :
أمّا الأوّل : فلأنّ كلّ اطمئنان لا يوجد ما يكذبه بالدلالة الالتزاميّة ، لأنّنا إذا أخذنا أي اطمئنان آخر معه لم نجد من المستحيل أن يكونا معا صادقين ، فلما ذا يتكاذبان؟
وإذا أخذنا مجموعة الاطمئنانات الأخرى لم نجد تكاذبا أيضا ؛ لأنّ هذه المجموعة لا تؤدّي إلى الاطمئنان بمجموع متعلّقاتها ، أي الاطمئنان بعدم الانطباق على سائر الأطراف المساوق للاطمئنان بالانطباق على غيرها ؛ وذلك لما برهنا عليه من أنّ كلّ اطمئنانين لا يتضمّنان الاطمئنان بالقضيّة الشرطيّة لا يؤدّي اجتماعهما إلى الاطمئنان بالمجموع. والاطمئنانات الناشئة من حساب الاحتمال هنا من هذا القبيل كما عرفت.
أمّا السبب الأوّل ـ وهو التكاذب بين الإحرازين في المدلول الالتزامي ـ فهذا غير موجود في مقامنا ؛ وذلك : لأنّ الاطمئنان بعدم انطباق المعلوم بالإجمال على هذا الطرف مدلوله المطابقي هذا المقدار ، وأمّا مدلوله الالتزامي فهو أحد أمرين :
الأوّل : أن يقال : إنّ المدلول الالتزامي للاطمئنان بعدم انطباق المعلوم بالإجمال على هذا الطرف هو انطباقه على الطرف الآخر وهو الإناء الثاني الذي نضمّه إلى الإناء الأوّل ، فكلّ منهما يكذّب الآخر بمدلوله الالتزامي فلا يمكن اجتماعهما ولا يمكن ترجيح أحدهما فيحكم بتساقط الاطمئنانين معا.
وهذا غير تامّ ؛ لأنّ الاطمئنان بعدم الانطباق في الإناء الأوّل يمكن اجتماعه مع الاطمئنان بعدم الانطباق في الإناء الثاني ؛ إذ المعلوم بالإجمال وهو نجاسة أحد الإناءات قد يكون في الإناء الثالث أو غيره لا في خصوص الأوّلين ، ولذلك لا مانع من صدق الاطمئنانين الأوّل والثاني ، وعليه فلا تكاذب بينهما بمعنى أنّ أحدهما