وأمّا لو أردنا أن نأخذ القيمة الاحتماليّة لانطباق المعلوم بالإجمال ضمن الإناءين معا ، فهنا سوف تزداد القيمة الاحتماليّة للانطباق من ١ / ١٠٠٠٠٠ ، إلى ١ / ٥٠٠٠٠ ، فإذا كانت ثلاثة صارت ١ / ٣٣٣٣٣ ، فاذا كانت أربعة صارت ١ / ٢٥٠٠٠ ، فإذا كانت عشرة صارت ١ / ١٠٠٠٠ وهكذا ، أي أنّنا كلّما ضممنا طرفا إلى طرف ازدادت القيمة الاحتماليّة بحيث تصبح معتدّا بها عقلائيّا.
وبهذا ظهر أنّ ضمّ طرف إلى طرف لا ينتج الاطمئنان بالمجموع ، وحينئذ لن يحصل التعارض بين الاطمئنان الفعلي في هذا الطرف مع مجموع الأطراف ؛ لأنّ المجموع لا يوجد اطمئنان فعلي بعدم الانطباق عليه.
التقريب الثاني : أنّ الركن الرابع من أركان التنجيز المتقدّمة مختلّ ؛ وذلك لأنّ جريان الأصول في كلّ أطراف العلم الإجمالي لا يؤدّي إلى فسح المجال للمخالفة القطعيّة عمليّا والإذن فيها ؛ لأنّنا نفترض كثرة الأطراف بدرجة لا تتيح للمكلّف اقتحامها جميعا ، وفي مثل ذلك تجري الأصول جميعا بدون معارضة.
التقريب الثاني لعدم وجوب الموافقة القطعيّة أن يقال : إنّ الركن الرابع من أركان منجّزيّة العلم الإجمالي ـ وهو كون جريان الأصول الترخيصيّة في جميع الأطراف مؤدّيا إلى الترخيص القطعي في المخالفة العمليّة ـ غير تامّ ؛ وذلك لأنّنا نفترض أطراف الشبهة غير المحصورة كثيرة جدّا ، بحيث لا يتمكّن المكلّف بحسب العادة من ارتكابها جميعا ، كما لو علمنا إجمالا بنجاسة إناء من مليون إناء فإنّه لن يتمكّن بحسب العادة من ارتكاب الجميع ، وهذا يعني أنّ جريان الأصول الترخيصيّة في كلّ طرف طرف لن يؤدّي فعلا إلى المخالفة القطعيّة عمليّا للمعلوم الإجمالي ؛ لأنّ المكلّف سوف يترك بعض الأطراف لا محالة ، وفي مثل هذه الحالة لا مانع من جريان الأصول ، وبالتالي لا منجّزيّة للعلم الإجمالي لكافّة أطرافه.
وهذا نظير العلم إجمالا إمّا بحرمة الشرب من هذا الإناء وإمّا بوجوب الشرب منه ، أي الدوران بين المحذورين كما سيأتي ، فإنّه لا محذور في جريان الأصول الترخيصيّة عن الوجوب والحرمة معا ؛ لأنّه لن يلزم من ذلك المخالفة العمليّة ؛ لأنّه في الواقع إمّا أن يشرب أو لا يشرب ، فهو يمتثل أحدهما ويخالف آخر ولا يمكنه مخالفتهما معا عمليّا.