وهذا البيان هو الوجه الفنّي لصياغة الركن الرابع على مسلك المشهور ، وبه يثبت عدم وجوب الاحتياط في الشبهات غير المحصورة.
ولا يرد عليه نقض السيّد الخوئي للفرق بين الشبهتين في الملاك وفي الحيثيّة الكاشفة.
ففي الشبهة غير المحصورة الملاك هو كثرة الأطراف ، وهذا يقتضي تقديم الأغراض الترخيصيّة عقلائيّا.
بينما في الشبهة المحصورة لا يتمّ هذا الملاك ؛ لأنّ الأطراف قليلة ، وهذا يقتضي تقديم الأغراض اللزوميّة عقلائيّا.
وهكذا نخرج بتقريبين لعدم وجوب الاحتياط في أطراف الشبهة غير المحصورة ، غير أنّهما يختلفان في بعض الجهات.
فالتقريب الأوّل مثلا يتمّ حتّى في الشبهة التي لا يوجد في موردها أصل مؤمّن ؛ لأنّ التأمين فيه مستند إلى الاطمئنان لا إلى الأصل ، بخلاف التقريب الثاني كما هو واضح.
والحاصل : أنّه يوجد تقريبان لعدم وجوب الاحتياط في الشبهة غير المحصورة :
أحدهما : ما تقدّم من وجود اطمئنان فعلي في كلّ طرف طرف.
والثاني : ما ذكرناه من سقوط منجّزيّة العلم الإجمالي لانهدام الركن الرابع.
إلا أنّ هذين التقريبين يختلفان من جهات أخرى منها :
أنّ التقريب الأوّل أي حجّيّة الاطمئنان الموجود في كلّ طرف ، يجري سواء كان هناك أصل ترخيصي جار في الأطراف أم لم يكن هناك أصل كذلك ؛ لأنّ التأمين بناء على هذا التقريب يستند إلى حجّيّة الاطمئنان لا إلى الأصل ليكون وجوده وعدمه مؤثّرا سلبا أو إيجابا.
فلو افترضنا أنّ أطراف الشبهة يجري فيها أصالة الطهارة مثلا ، كالعلم إجمالا بنجاسة إناء من إناءات كثيرة جدّا ، جرى التقريب الأوّل ، وكذلك يجري لو افترضنا الأطراف لا يجري فيها الأصل رأسا أو جرى وسقط بالمعارضة ، كما إذا كان كلّ طرف مجرى لاستصحاب النجاسة ، وكما إذا كانت الأطراف مشكوكة النجاسة الذاتيّة وعلم إجمالا بنجاسة أحدها بالدم ، فهنا لا تجري أصالة الطهارة فيها ؛ لأنّ