سوف يفوّت الآخر حتما ، إلا أنّ العقلاء لا يرون وصول أهمّيّة ملاكات الترخيص إلى هذا المستوى.
بينما يرى العرف أنّه إذا لم يكن هناك تزاحم حفظي بهذه المرتبة ، بل كان من الممكن الجمع بين النحوين من الملاكات من دون محذور ، فإنّه حينئذ لن يرى مانعا من الجمع بينهما وعدم تقديم أحدهما على الآخر ؛ لأنّ تقديم أحدهما على الآخر فيه تفويت للآخر ومخالفته القطعيّة ، بينما الجمع بينهما فيه احتمال المخالفة فقط.
ولذلك إذا كان أحدهما خارجا عن محلّ الابتلاء فلا يرى العرف محذورا في جريان الأصول الترخيصيّة في الطرف الداخل في محلّ الابتلاء حفاظا على ملاكات الترخيص احتمالا ، حيث إنّ ملاكات الإلزام سوف يكون محافظا عليها احتمالا أيضا ، وذلك في الطرف الآخر الخارج ؛ لأنّه متروك ، فيكون المكلّف قد ضمن الحفاظ على النحوين من الملاكات ، إمّا قطعا وإمّا احتمالا ولكنّه لم يفوّت أحدهما قطعا ، ولم يرتكب المخالفة القطعيّة ؛ لأنّ التزاحم لم يكن بهذه المرتبة.
إذا كان أحد طرفي العلم الإجمالي تكليفا فعليّا والطرف الآخر تكليفا منوطا بزمان متأخّر سمّي هذا العلم بالعلم الإجمالي بالتدريجيّات.
ومثاله : علم المرأة إجمالا ـ إذا ضاعت عليها أيّام العادة ـ بحرمة المكث في المسجد في بعض الأيّام من الشهر.
وقد استشكل بعض (١) الأصوليّين في تنجيز هذا العلم الإجمالي ، ويستفاد من كلماتهم إمكان تقريب الاستشكال بوجهين :
الحالة التاسعة : العلم الإجمالي بالتدريجيّات :
والمقصود بالبحث هنا أن يكون أحد الطرفين فعليّا من حيث الزمان ، والطرف الآخر استقبالي من حيث الزمان بلحاظ نفس الخطاب وبلحاظ المبادئ أيضا ، بمعنى أنّه يدور الأمر بين تكليف في الآن الفعلي أو تكليف سوف يحدث في الآن الاستقبالي أي بعد انقضاء الآن الفعلي ، وهذا يعني عدم إمكان اجتماع الطرفين.
__________________
(١) منهم الشيخ الأنصاري في فرائد الأصول ٢ : ٢٤٨ ـ ٢٤٩.