وجوب حفظ القدرة حتّى على القول بوجوبها في هذا الفرض ؛ لأنّه يجوز للمكلّف عدم امتثاله ؛ إذ ذمّته بحسب الفرض ليست مشتغلة به ، وإن كان منجّزا فنسأل عمّا هو المنجّز له؟
والجواب : أنّه لا منجّز له إلا العلم الإجمالي بالتدريجيّات ؛ إذ لا يوجد غيره بعد عدم كون العلم الإجمالي الجديد منجّزا له.
وحينئذ لا داعي لهذا العلم الجديد ما دام التكليف الاستقبالي قد تنجّز بنفس العلم الإجمالي السابق ؛ لأنّه لن يكون له فائدة ولا أثر.
وبهذا ظهر أنّ العلم الإجمالي بالتدريجيّات منجّز لطرفيه (١).
قد يكون الطرفان للعلم الإجمالي طوليّين ، بأن كان أحد التكليفين مترتّبا على عدم الآخر ، من قبيل أن نفرض أنّ وجوب الحجّ مترتّب على عدم وجوب وفاء الدين ، وعلم إجمالا بأحد الأمرين. وهذا له صورتان :
الأولى : أن يكون وجوب الحجّ مترتّبا على مطلق التأمين عن وجوب وفاء الدين ولو بالأصل.
الثانية : أن يكون وجوب الحجّ مترتّبا على عدم وجوب وفاء الدين واقعا.
الحالة العاشرة : الطوليّة بين طرفي العلم الإجمالي.
إذا كان أحد طرفي العلم الإجمالي في طول الآخر ، أي مترتّب على عدم الآخر ، فهذا العلم الإجمالي يكون دائرا بين تكليفين طوليّين لا عرضيّين.
فمثلا إذا علم بنجاسة أحد الإناءين كان كلّ منهما في عرض الآخر وثابتا على
__________________
(١) إلا أنّ هذا الردّ يمكن الإجابة عنه ؛ وذلك لأنّ وجوب حفظ القدرة معناه عدم جواز الإتيان بالمقدّمات التي تؤدّي إلى تفويت الامتثال ، وهذا لازمه أنّ المرأة ممنوعة عن إيجاد أي عمل من هذا القبيل ، فحين مجيء زمان التكليف ويصبح فعليّا في وقته تكون ممنوعة لا عن مخالفته ابتداء ليقال : ما هو المنجّز لذلك؟ بل تكون ممنوعة عن إيجاد سائر المقدّمات المؤدّية إلى ذلك بحكم وجوب حفظ القدرة.
فالصحيح في الإشكال هو ما تقدّم ثانيا ؛ لأنّ الأوّل مبني على عدم تماميّة شيء من الإشكالات ، وفرض الكلام هنا بعد التسليم بتماميّتها.