وبهذا ينتهي الكلام عن الحالة الأولى وهي حالة النسيان ، وتبيّن أنّ الحكم فيها هو البراءة في كلتا الصورتين ، أي استيعاب النسيان لتمام الوقت أو ارتفاعه في أثنائه وإن اختلف الملاك في جريانها.
إذا كان الجزء جزءا حتّى في حالة التعذّر كان معنى ذلك أنّ العاجز عن الكلّ المشتمل عليه لا يطالب بالناقص.
وإذا كان الجزء جزءا في حالة التمكّن فقط فهذا يعني أنّه في حالة العجز لا ضرر من نقصه ، وأنّ العاجز يطالب بالناقص.
والتعذّر تارة يكون في جزء من الوقت ، وأخرى يستوعبه.
الصورة الثانية : فيما إذا كان عاجزا عن الإتيان بالجزء ، فهنا يقال : إذا كان الدليل الدالّ على الجزئيّة مطلقا وشاملا لحالة العجز والتعذر فهذا يعني أنّ الجزء لا يتحقّق المركّب من دونه ، فإذا كان المكلّف عاجزا عنه فلازمه كون المكلّف عاجزا عن الإتيان بالمركّب ، ومع العجز عن الإتيان به لا تكليف عليه ، والنتيجة أنّه لا يجب عليه شيء.
أمّا الكلّ فلأنّه متعذّر ، وأمّا سائر الأجزاء الأخرى فلأنّه ليس مخاطبا بالأجزاء الأخرى بنحو مستقلّ عن الجزء المتعذّر ، بل مخاطب بها ضمن ذلك الجزء ، فالتعذّر عن البعض يعني التعذّر عن الكلّ أيضا ، من قبيل شرطيّة الطهارة في الصلاة فإنّها إذا تعذّرت ـ سواء المائيّة أم الترابيّة ـ فلا تكليف عليه بالصلاة حينئذ.
وأمّا إذا كان دليل الجزئيّة دالاّ على الجزئيّة حال التمكّن فقط ، فهذا معناه الأمر بالجامع بين الصلاة الناقصة حال التعذّر وبين الصلاة التامّة حال التمكّن ، فإذا عجز عن جزء كان مكلّفا بسائر الأجزاء فيجب عليه الإتيان بها.
وهذا من قبيل جزئيّة القيام أو السورة في الصلاة فإنّ الدليل دلّ على جزئيّتها حال التمكّن ، وأمّا حال التعذّر فيصلّي من جلوس أو يصلّي من دون السورة.
وهذا واضح لا إشكال فيه ، وإنّما الكلام فيما إذا شكّ في أنّ جزئيّة هذا الجزء هل هي شاملة لحالتي التعذّر والتمكّن ، أو أنّها مختصّة في حال التمكّن فقط؟ فهنا هل يسقط وجوب الباقي أو لا؟
والجواب : أنّه تارة يكون التعذّر والعجز مستوعبا لتمام الوقت وأخرى لا يكون