الثانية : من حيث الملاك ، فإنّ الملاك في الاستصحاب هو أنّ الغالب فيما وجد أن يبقى ، بينما الملاك في قاعدة اليقين هو أنّ الغالب في اليقين أن يكون صحيحا ومطابقا للواقع.
ثانيا : الفرق بين الاستصحاب وقاعدة المقتضي والمانع ، وهو من جهتين أيضا :
الأولى : من حيث المتعلّق ، فإنّ المتعلّق في الاستصحاب متّحد ذاتا بين اليقين والشكّ بالنسبة للقضيّة ، بينما المتعلّق في قاعدة المقتضي والمانع متعدّد ذاتا ، فإنّ اليقين متعلّق بالمقتضي والشكّ متعلّق بالمانع.
الثانية : من حيث الملاك ، فملاك الاستصحاب غلبة ما يوجد يبقى ، بينما ملاك القاعدة غلبة عدم وجود المانع أو غلبة وجود المقتضى عند وجود المقتضي.
والآن نريد أن نتحدّث عن أدلّة الاستصحاب ، وهي ثلاثة :
١ ـ حجّيّة الاستصحاب من باب إفادته للظنّ.
٢ ـ حجّيّة الاستصحاب من باب السيرة العقلائيّة.
٣ ـ حجّيّة الاستصحاب من باب الأخبار والروايات.
أمّا حجّيّة الاستصحاب من باب إفادته للظنّ فهي تتوقّف على أمرين :
أوّلا : أنّ الحالة السابقة تفيد الظنّ ببقائها.
ثانيا : أنّ مثل هذا الظنّ حجّة شرعا.
إلا أنّ كلا الأمرين غير تامّ ؛ وذلك لأنّ الحالة السابقة بمجرّد حدوثها لا تفيد الظنّ ببقائها ، بل يختلف ذلك بحسب تلك الحالة ونوعيّتها ، وهل هي ممّن له قابليّة البقاء أو لا؟
وأمّا الظنّ المستفاد من الحالة السابقة الحادثة فهو إمّا أن يكون ظنّا نوعيّا ، وإمّا أن يكون ظنّا شخصيّا ، والأوّل يحتاج إلى حجّيّة مطلق الظنّ ، والذي لم يتمّ كما تقدّم في محلّه ، والثاني يحتاج إلى دليل خاصّ وهو غير ثابت.
وأمّا حجّيّة الاستصحاب من باب السيرة العقلائيّة فهي تتوقّف على أمرين أيضا :
الأوّل : إثبات أنّ العقلاء يبنون على بقاء الحالة السابقة من باب الاستصحاب لا من ملاك آخر.
الثاني : إثبات عدم الردع الكاشف عن الإمضاء.