بالشكّ ؛ لأنّ هذا التعليل لبقاء الحكم بالوضوء لدى السائل يفترض كون هذا الأمر مقبولا عنده بما هو إنسان عرفي ، وهذا يعني ارتكازيّة الاستصحاب في حياة العقلاء.
وهذه الارتكازيّة توجب إلغاء خصوصيّة المورد وعدم اختصاص القاعدة بباب الوضوء ، ولذلك تكون ( اللام ) فيها للجنس لا للعهد ، وهذا أيضا يفترض أوّلا ثبوت السيرة العقلائيّة على العمل بالاستصحاب كما ليس ببعيد ، وبذلك تكون القاعدة عامّة لكلّ الأبواب.
وهناك تفصيلات أخرى في الرواية من جهة فقه الرواية أو من جهة كيفيّة الاستدلال بها على القاعدة ، أو من جهة كلّيّة القاعدة ودلالة الرواية على الاستصحاب دون غيره ونحو ذلك ، وقد تقدّم الكلام عنها في الحلقة السابقة فلتراجع.
وهي رواية أخرى لزرارة كما يلي :
١ ـ قلت : أصاب ثوبي دم رعاف أو غيره أو شيء من منيّ ، فعلّمت أثره إلى أن أصيب له من الماء ، فأصبت وحضرت الصلاة ، ونسيت أنّ بثوبي شيئا ، وصليت ، ثمّ إنّي ذكرت بعد ذلك؟ قال : « تعيد الصلاة وتغسله ».
٢ ـ قلت : فإنّي لم أكن رأيت موضعه ، وعلمت أنّه قد أصابه ، فطلبته فلم أقدر عليه ، فلمّا صلّيت وجدته؟ قال : « تغسله وتعيد الصلاة ».
٣ ـ قلت : فإن ظننت أنّه قد أصابه ولم أتيقّن ذلك ، فنظرت فلم أر شيئا ، ثمّ صلّيت فرأيت فيه؟ قال : « تغسله ولا تعيد الصلاة ».
قلت : ولم ذلك؟ قال : « لأنّك كنت على يقين من طهارتك ثمّ شككت ، وليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشكّ أبدا ».
٤ ـ قلت : فإنّي قد علمت أنّه قد أصابه ولم أدر أين هو فأغسله؟
قال : « تغسل من ثوبك الناحية التي ترى أنّه قد أصابها حتّى تكون على يقين من طهارتك ».
٥ ـ قلت : فهل عليّ إن شككت في أنّه أصابه شيء أن انظر فيه؟
قال : « لا ، ولكنّك إنّما تريد أن تذهب الشكّ الذي وقع في نفسك ».