١ ـ الدوران بين الأقلّ والأكثر في الأجزاء
وفي مثل ذلك قد يقال : بأنّ حاله حال القسم الأوّل ، فإنّ وجوب الأقلّ منجّز بالعلم ، ووجوب الزيادة ـ أي ما يشكّ في كونه جزءا ـ مشكوك بدوي فتجري عنه البراءة ؛ لأنّ هذا هو ما يقتضيه الدوران بين الأقلّ والأكثر بطبعه ، فإنّ كلّ دوران من هذا القبيل يتعيّن في علم بالأقلّ وشكّ في الزائد.
إذا تردّد أمر الواجب المركّب من أجزاء بين الأقلّ والأكثر كما إذا علم بوجوب الصلاة وشكّ في كونها مركّبة من تسعة أجزاء فقط أو أنّها مركّبة من عشرة أجزاء ، فهنا مرجع هذا الشكّ إلى الشكّ في دخالة الجزء وعدم دخالته ، كما إذا شكّ في كون السورة جزءا من الصلاة أو ليست بجزء ، فإنّه على تقدير كونها جزءا فتكون الصلاة مركّبة من عشرة أجزاء مثلا ، وأمّا على تقدير كونها ليست جزءا فالصلاة مركّبة من تسعة أجزاء.
فهل هذا الدوران كالدوران بين الأقلّ والأكثر الاستقلاليّين يقتصر فيه على وجوب الأقلّ وتجري البراءة عن وجوب الأكثر ، أو أنّه من الدوران بين المتباينين حيث يعلم إجمالا بالجامع بينهما فيجب الاحتياط؟
قد يقال : إنّ حكم هذه المسألة كحكم المسألة السابقة ؛ لأنّ وجوب الأقلّ معلوم تفصيلا سواء كان الواجب هو الأقلّ أو الأكثر ، فيعلم بوجوب تسعة أجزاء على كلّ حال ، فهو منجّز على كلا التقديرين ولا شكّ فيه.
وأمّا وجوب الأكثر ( أي الجزء المشكوك دخالته ) فهو على بعض التقادير واجب وعلى التقدير الآخر غير واجب ، فيكون مشكوكا شكّا بدويّا فتجري فيه البراءة.
وبتعبير آخر : أنّ القاعدة الأوّليّة في الأقلّ والأكثر هي كون الأقلّ معلوما تفصيلا ،