لتحقّق الأكثر ، وعليه فيكون وجوب الأقلّ معلوما على كلّ تقدير ؛ لأنّه إمّا واجب نفسي ، وإمّا واجب غيري ، فيكون وجوبه معلوما على كلا التقديرين ، فهو منجّز قطعا ، ولا شكّ في ذلك.
وأمّا الأكثر فهو إنّما يكون واجبا على تقدير تعلّق المعلوم بالإجمال به بحيث يكون هو المعلوم إجمالا لا وجوب الأقلّ ، وهذا التقدير غير معلوم فيكون مشكوكا بدوا فتجري عنه البراءة.
ولا مانع من جريان البراءة هنا لانحلال العلم الإجمالي إما حقيقة وإمّا حكما ؛ وذلك لأنّنا إذا قلنا : إنّ الأقلّ معلوم تفصيلا فيسري العلم من الجامع إلى الفرد ، ويكون الفرد الثاني مشكوكا بدوا لزوال العلم الإجمالي فهذا انحلال حقيقي ، وإذا قلنا : إنّ الأصل الترخيصي يجري في وجوب الأكثر دون الأقلّ ؛ لأنّ الأقلّ منجّز على كلّ تقدير فلا مورد لجريان الأصل فيه فيجري الأصل في الأكثر من دون معارض فهذا انحلال حكمي.
ونلاحظ على هذا الوجه : أنّه إن أريد به هدم الركن الثاني من أركان تنجيز العلم الإجمالي.
فالجواب عليه : أنّ الانحلال إنّما يحصل إذا كان المعلوم التفصيلي مصداقا للجامع المعلوم بالإجمال كما تقدّم (١) ، وليس الأمر في المقام كذلك لأنّ الجامع المعلوم بالإجمال هو الوجوب النفسي والمعلوم التفصيلي وجوب الأقلّ ولو غيريّا ، وإن أريد به هدم الركن الثالث بدعوى أنّ وجوب الأقلّ منجّز على أي حال ولا تجري البراءة عنه فتجري البراءة عن الآخر بلا معارض.
فالجواب عليه : أنّ الوجوب الغيري لا يساهم في التنجيز كما تقدّم في مباحث المقدّمة (٢).
ويرد عليه : أنّ الانحلال المذكور تارة يراد به الانحلال الحقيقي ، وأخرى يراد به الانحلال الحكمي.
__________________
(١) تحت عنوان : أركان منجّزيّة العلم الإجمالي ، عند بيان الركن الثاني.
(٢) في بحث الدليل العقلي من الجزء الأوّل من الحلقة الثالثة ، تحت عنوان : خصائص الوجوب الغيري.