والتقييد ، إنّما يكون فيما إذا كان هناك كلام صادر من متكلّم واحد ، دون ما إذا كان الكلام صادرا من متكلّمين أو من جهتين مختلفتين ، وهذا يعني أنّه يشترط وحدة المتكلّم إمّا شخصا وإمّا نوعا.
أمّا شخصا فواضح ، وأمّا نوعا فكالأئمّة المعصومين عليهمالسلام ، فإنّ كلام أوّلهم كلام آخرهم.
وعليه فيجب إحراز هذا الأمر ليتمّ التقديم بملاك القرينيّة العرفيّة ، حيث يكون الأخصّ ونحوه من القرائن العرفيّة قرينة على تحديد المراد من العامّ بحسب الفهم العرفي العامّ ، وبحسب ما هو متعارف عليه في المحاورات.
والوجه في ذلك : هو أنّ حجّيّة كلّ ظهور فرع انعقاد ظهور للكلام وعدم وجود قرينة على خلافه ، فما لم ينعقد للكلام ظهور فلا يمكن التمسّك بحجّيّته ، وإذا كان هناك قرينة على خلافه فلا يكون ما ظهر منه سابقا على القرينة حجّة.
وعليه فيكون الكلام الأخصّ ونحوه رافعا لحجّيّة الكلام الأعمّ في العموم ؛ لاختلال شرط الحجّيّة.
ثمّ إنّ هذا التقديم بملاك الأخصّيّة ونحوها إنّما هو بملاك القرينيّة فقط ، ولذلك إذا لم يكن أحد الكلامين قرينة على الآخر فلا يكون الأخصّ مقدّما على الأعمّ ، من قبيل ما إذا قامت بيّنتان إحداهما تثبت نجاسة تمام ما في الدار بينما الأخرى تثبت طهارة أحد المواضع من الدار ، فهنا وإن كانت النسبة بين البيّنتين هي العموم والخصوص المطلق إلا أنّ الخاصّ لا يتقدّم على العامّ ؛ لأنّه ليس قرينة على تحديد المراد من العامّ ؛ لأنّ العامّ صادر من جهة والخاصّ صادر من جهة أخرى لا تتّحد مع الجهة الأولى لا شخصا ولا نوعا ، ولذلك يكون بين البيّنتين تعارض ، ولا مجال للجمع العرفي بينهما ؛ لأنّ مجال الجمع العرفي هو ما يكون قرينة أو ما يصلح للقرينيّة ، وهذا يستلزم صدور الكلام من متكلّم واحد ليكون كلامه مفسّرا بعضه للبعض الآخر.
وعلى هذا ففي المقام سواء قيل بأماريّة الاستصحاب أو أصليّته ، لا معنى لتقديمه بالأخصّيّة الملحوظة بينه وبين معارضه ، بل لا بدّ من ملاحظة النسبة بين دليله وما يعارضه من دليل الأصل أو دليل حجّيّة الأمارة ، فإن كان أخصّ قدّم بالأخصّيّة ؛