لأنّ مفاد الأدلّة كلام الشارع ، ومتى كان أحد كلاميه أخصّ من الآخر قدّم بالأخصّيّة.
وبناء عليه نقول : إنّ الاستصحاب سواء قلنا بأنّه أمارة أو أصل ، لا مجال لأن تلحظ النسبة بينه وبين ما يعارضه من أدلّة ليقال بتقديمه بملاك الأخصّيّة ، بل على كلا التقديرين لا بدّ أن تلحظ النسبة بين الدليل الدالّ على الاستصحاب وبين الدليل الدالّ على الأصل المعارض له أو الأمارة المعارضة له ، فإن كان أخصّ قدّم بملاك الأخصّيّة ، وإلا فلا. فهنا دعويان :
الأولى : عدم ملاحظة النسبة بين نفس الاستصحاب أو الحالة السابقة وبين ما يعارضه.
الثانية : لزوم ملاحظة النسبة بين الدليل الدالّ على الاستصحاب وبين الدليل الدالّ على معارضه.
أمّا الأولى فلأنّ الاستصحاب أو الحالة السابقة ليست كلاما صادرا من الشارع ، وإنّما هو دليل لإثبات المنجّزيّة أو المعذّريّة مستفاد من الأدلّة الدالّة عليه.
وأمّا الثانية فلأنّ النسبة تلحظ بين الكلامين الصادرين من متكلّم واحد ، وهنا الدليل الدالّ على الاستصحاب كرواية زرارة كلام صادر من الشارع ، والدليل على أصالة الحلّ كرواية ( كلّ شيء حلال حتّى تعلم أو تعرف ... ) كلام صادر من الشارع أيضا ، فيصحّ أن يكون أحدهما قرينة على الآخر لو كان أخصّ منه فيقدّم عليه لملاك الأخصّيّة.
وكذا يمكن أن تلحظ النسبة بين نفس الاستصحاب وبين نفس أصالة الحلّ أو البراءة.
* * *