ذهب المشهور إلى أنّ اليقين بالحدوث ركن مقوّم للاستصحاب ، ومعنى ذلك أنّ مجرّد ثبوت الحالة السابقة في الواقع لا يكفي لفعليّة الحكم الاستصحابي لها ، وإنّما يجري الاستصحاب إذا كانت الحالة السابقة متيقّنة ؛ وذلك لأنّ اليقين قد أخذ في موضوع الاستصحاب في ألسنة الروايات ، وظاهر أخذه كونه مأخوذا على نحو الموضوعيّة لا الطريقيّة إلى صرف ثبوت الحالة السابقة.
ذهب المشهور إلى أنّ اليقين بالحدوث ركن مقوّم للاستصحاب ، وهذا معناه لزوم كون الحالة السابقة متيقّنة ، ومجرّد حدوث الحالة السابقة واقعا لا يكفي لجريان الاستصحاب والتعبّد بالبقاء فعلا ، والوجه عندهم في استفادة هذا الركن هو ظاهر أخذ اليقين في لسان الأدلّة التي دلّت على كبرى الاستصحاب ، كصحاح زرارة ثلاث المتقدّمة حيث ورد فيها « لأنّك كنت على يقين من طهارتك » أو « ... وقد أحرز الثلاث ».
فهذه الروايات أخذت عنوان اليقين ، وظاهر أخذ اليقين عنوانا أنّه مأخوذ على نحو الموضوعيّة أي كونه جزءا من الموضوع ، فيكون الموضوع مركّبا من الحدوث واليقين ولا يكفي الحدوث فقط ؛ لأنّ الظاهر من أخذ القيد أو العنوان كونه دخيلا في الموضوع واقعا بنفسه ، لا بما هو طريق كاشف ومرآة حاكية عن المتعلّق الذي هو حدوث الحالة السابقة ، فإنّه وإن كان ممكنا ولكنّه على خلاف الظاهر.
وعلى هذا فلا بدّ من اشتراط اليقين بالحدوث ولا يكفي الظنّ بالحدوث أو نفس الحدوث الواقعي من دون يقين به.
نعم ، في رواية عبد الله بن سنان المتقدّمة علّل الحكم الاستصحابي بنفس الحالة السابقة في قوله : « لأنّك أعرته إيّاه وهو طاهر » لا باليقين بها ، وهو ظاهر في ركنيّة المتيقّن لا اليقين.
وتصلح أن تكون قرينة على حمل اليقين في سائر الروايات على الطريقيّة إذا تمّ الاستدلال بالرواية المذكورة على الكبرى الكلّيّة.
إلا أنّ كلام المشهور يواجه مشكلة ، وهي أنّه ورد في صحيحة ابن سنان تعليل الحكم المستصحب بأنّه كان على طهارة أي بنفس الحدوث لا باليقين بالحدوث ، كما