فإذا أخذنا بالروايات فلا بدّ من إحراز عنوان الشكّ بالبقاء وهو غير محرز في المقام ، فالإشكال وارد لاختلال الركن الثاني.
وإذا أخذنا بذاك البرهان فإنّه يفترض ضرورة وجود الشكّ لا أكثر ، ولا يقتضي لزوم كون الشكّ في البقاء ، وعنوان الشكّ هنا محرز وجدانا فيجري الاستصحاب لتماميّة الأركان من اليقين بالحدوث والشكّ.
ويمكن دفع الاستشكال : بأنّ ( الشكّ في البقاء ) بعنوانه لم يؤخذ صريحا في لسان روايات الاستصحاب ، وإنّما أخذ ( الشكّ ) بعد ( اليقين ) ، وهو يلائم كلّ شكّ متعلّق بما هو متيقّن الحدوث سواء صدق عليه ( الشكّ في البقاء ) أو لا.
وجواب الإشكال : أن يقال : إنّ عنوان الشكّ في البقاء لم يؤخذ صريحا في روايات الاستصحاب ، وإنّما المأخوذ فيها عنوان الشكّ بعد اليقين ، أي لا بدّ أن يكون لدينا عنوانان ( اليقين والشكّ ) وكلاهما متعلّقان بموضوع واحد أو بقضيّة واحدة ، فإذا كان لدينا يقين بنجاسة الثوب فلا بدّ أن يكون لدينا شكّ في نجاسته أيضا لكي يجري الاستصحاب ، فالركن هو أن يتعلّق الشكّ بنفس ما تعلّق به اليقين.
وفي مقامنا حيث نعلم بنجاسة الثوب إمّا الآن وإمّا قبل ساعة فعنوان اليقين بالحدوث متحقّق ، وحيث إنّنا نعلم بطروّ المطهّر قبل هذا الآن ، فهذا يعني أنّنا نشكّ في نجاسة هذا الثوب وطهارته في هذا الآن فيجري الاستصحاب.
إلا أنّ استصحاب النجاسة المتيقّنة يتعارض باستصحاب الطهارة المعلومة أيضا قبل هذا الآن ، وهذا يعني أنّه في موارد توارد الحالتين يجري كلّ من استصحاب النجاسة واستصحاب الطهارة ويتعارضان ويتساقطان.
فظهر أنّ هذه الثمرة غير تامّة ؛ لأنّ عنوان ( الشكّ في البقاء ) لم يذكر صريحا في الروايات ، بل المأخوذ فيها عنوان الشك فقط ، وهذا ثابت بالبرهان المذكور أيضا ، فلا فرق بينهما من هذه الناحية.
والاستشكال المذكور إذا لم يندفع بهذا البيان يؤدّي إلى أنّ الاستصحاب في موارد توارد الحالتين لا يجري في نفسه لا من أجل التعارض.
فإذا علم بالحدث والطهارة وشكّ في المتقدّم منهما ، فهو يعلم إجمالا بالحدث إمّا الآن أو قبل ساعة ويشكّ في الحدث فعلا ، فزمان الحدث المشكوك هو الآن