الحالة السابقة فيه نقضا لليقين باليقين ، فلا يجري الاستصحاب بقطع النظر عن المعارضة بين الاستصحاب هنا والاستصحاب هناك.
الصياغة الثانية لركنيّة الشكّ هي ما ذكره الميرزا من كون الركن هو أن يكون رفع اليد عن الحالة السابقة يصدق عليه أنّه نقض لليقين بالشكّ ، ففي كلّ حالة يحرز ذلك يجري الاستصحاب.
وأمّا إذا كان رفع اليد عن الحالة السابقة يصدق عليه عنوان نقض اليقين باليقين ، أو كان يحتمل ذلك فلا يجري الاستصحاب.
أمّا الأوّل فواضح ؛ لأنّه القدر المفروغ عنه ، فإذا علم بالنجاسة ثمّ علم بالطهارة بعدها فلا إشكال في أنّ اليقين بالطهارة ينتقض باليقين بالنجاسة ؛ لأنّه نقض لليقين باليقين.
وأمّا الثاني ؛ فلأنّ احتمال صدق عنوان نقض اليقين باليقين معناه أنّه لا يحرز كون رفع اليد هنا من باب نقض اليقين بالشكّ ، وما دام هذا العنوان غير محرز فلا يجري الاستصحاب لعدم تماميّة أركانه أو لعدم تحقّق موضوعه ؛ وذلك لأنّ الحكم وهو حرمة النقض إنّما تثبت على موضوعها فقط وهو أن يكون رفع اليد عن الحالة السابقة ينطبق عليه عنوان نقض اليقين بالشكّ ، فما لم يحرز ذلك سوف لا يحرز موضوع الحرمة فلا تثبت.
ثمّ ذكروا مثالا لذلك وهو : فيما إذا علم بطهارة عشرة إناءات بنحو تفصيلي ثمّ علم إجمالا بنجاسة إناء منها.
فهنا لا يجري استصحاب الطهارة في أيّ واحد من الإناءات ، وذلك لعدم إحراز عنوان نقض اليقين بالشكّ ؛ وذلك لأنّ المعلوم بالإجمال يحتمل انطباقه على كلّ واحد من هذه العشرة ، فكلّ واحد منها يحتمل أن يكون هو النجس فيكون رفع اليد عن الحالة السابقة نقضا لليقين باليقين لا بالشكّ ، وما دام هذا الاحتمال موجودا فلا يمكن إجراء الاستصحاب لعدم إحراز موضوعه أو أركانه ، وهو كون رفع اليد عن الحالة السابقة يصدق عليه عنوان نقض اليقين بالشكّ ، ولذلك فلا يجري استصحاب الطهارة في كلّ واحد من هذه الإناءات العشرة في نفسه لعدم تماميّة أركانه ، لا أنّه يجري ويسقط بالمعارضة مع الاستصحاب في الآخر.