وأمّا إذا لم نأخذ بهذه الصياغة وأخذنا بما تقدّم من كون الركن هو ( الشكّ في البقاء ) فكلّ واحد معلوم الطهارة سابقا ويشكّ في نجاسته لاحقا فيجري الاستصحاب ، ولكن لا يمكن الأخذ بالاستصحاب فيها جميعا ؛ لأنّ ذلك يؤدّي إلى المخالفة القطعيّة للمعلوم بالإجمال وهو نجاسة أحد العشرة ، ولا يمكن الأخذ به في بعضها دون البعض الآخر فتتعارض وتتساقط.
ونلاحظ على ذلك :
أوّلا : أنّ العلم الإجمالي ليس متعلّقا بالواقع بل بالجامع ، فلا يحتمل أن يكون أيّ واحد من تلك الأشياء معلوم النجاسة.
ويرد على هذا : أوّلا : أنّنا لو سلّمنا هذه الصياغة إلا أنّ المثال المذكور غير تامّ ؛ لأنّ أركان الاستصحاب فيه تامّة حتّى على الصياغة الجديدة ، حيث إنّنا كنا على يقين بطهارة كلّ واحد من الإناءات العشرة ، فاليقين بالحدوث متحقّق ثمّ علمنا إجمالا بنجاسة أحدها ، وهذا العلم الإجمالي بناء على ما هو الصحيح والمختار متعلّق بالجامع لا بالواقع ، أي أنّنا نعلم بوجود كلّي النجاسة وجامع النجاسة بين هذه العشرة ، ولكن كلّ فرد منها مشكوك كونه النجس بخصوصيّاته ، وهذا يعني أنّنا إذا أخذنا كلّ إناء وحده فقد كنّا على يقين من طهارته ثمّ شككنا فيها فيجري استصحاب بقائها ؛ لأنّ رفع اليد عنه معناه رفع اليد عن الحالة السابقة المتيقّنة بالشكّ ، فهو من نقض اليقين بالشكّ.
ولا يحتمل أن يكون من باب نقض اليقين باليقين ؛ لأنّ اليقين بالنجاسة متعلّق بالجامع لا بالفرد ولا يسري هذا العلم من الجامع إلى الفرد إلا بعد حصول العلم التفصيلي.
وعليه فيجري الاستصحاب في كلّ الإناءات ولكنّه لا يمكن الأخذ به فيها جميعا ، ولا في بعضها دون البعض بسبب العلم الإجمالي المنجّز فيقع التعارض بينها ويحكم بتساقطها.
وثانيا : لو سلّمنا أنّ العلم الإجمالي يتعلّق بالواقع فهو يتعلّق به على نحو يلائم مع الشكّ فيه أيضا ، ودليل الاستصحاب مفاده أنّه لا يرفع اليد عن الحالة السابقة في كلّ مورد يكون بقاؤها فيه مشكوكا ، وهذا يشمل محلّ الكلام حتّى لو انطبق العلم الإجمالي بالنجاسة على نفس المورد أيضا.