فحال الغرض كحال التكليف تماما ، فكما لا عقاب على ترك تكليف غير واصل ، فكذلك لا عقاب على ترك تحصيل غرض غير واصل.
وأمّا كيفيّة وصول الغرض إلى المكلّف فهذا إنّما يكون بتصدّي الشارع لتحصيله ، فإنّه إذا تصدّى المولى لإبراز تحصيل الغرض ـ إمّا ابتداء ومباشرة بأن جعل الحكم على وفقه ، وإمّا بالإخبار عن كونه مطلوبا ومحبوبا للمولى ـ فحينئذ يحكم العقل بلزوم تحصيله ، ويكون التقريب المذكور صحيحا وتامّا ؛ لأنّ الغرض قد دخل في العهدة واشتغلت به الذمّة يقينا فيجب إبراؤها اليقيني ، وهذا لا يتمّ إلا بالإتيان بالأكثر ؛ لأنّ الأقلّ وإن كان معلوما على كلّ تقدير لكنّه من جهة الغرض لا يحرز كونه محصّلا للغرض.
وأمّا إذا لم يتصدّ المولى لإبرازه بنحو من الأنحاء فلا يتنجز ولا يدخل في العهدة ولا تشتغل به الذمّة ، حتّى وإن علم به المكلّف من طريق آخر غير طريق الشرع ، وحينئذ لا يتمّ التقريب المذكور ، بل يكون الغرض على فرض وجوده معلوما ضمن الأقلّ ، ويشكّ في وجوده ضمن الأكثر فتجري البراءة لنفيه.
وفي مقامنا لم يثبت التصدي المولوي لإبراز الغرض وأنّه ضمن الأكثر ؛ إذ المفروض أنّه لا يوجد دليل ولا أصل ولا شيء من أنحاء التنجيز يثبت الأكثر ، بل الأصل يثبت التأمين والتعذير من ناحية الأكثر ؛ لأنّ الأقلّ معلوم تفصيلا على كلّ حال.
وما دام الأمر كذلك فلا موجب ولا مبرّر لإثبات كون الغرض في الأكثر ، بل هو مشكوك ، وبما أنّ الأقلّ معلوم تفصيلا فيعلم بتحقّق الغرض به ، فيكون الشكّ في وجوب الغرض بالأكثر شكّا بدويّا وهو مجرى للبراءة لا للاحتياط.
فتبيّن أنّ الغرض ما دام غير ثابت ولا واصل ولا منجّز ولم يتصدّ المولى لإبرازه فلا يحكم العقل بلزوم تحصيله والاحتياط من ناحيته ؛ لأنّه والحال هذه يكون مشكوكا بدوا.
أنّ وجوب الأقلّ منجّز بحكم كونه معلوما ، وهو مردّد بحسب الفرض بين كونه استقلاليّا أو ضمنيّا ، وفي حالة الاقتصار على الإتيان بالأقلّ يسقط هذا